للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- ذكر الغزالي أن الرجل إذا تزوج ونوى بذلك حصول الولد كان ذلك قربة يؤجر عليها من حسنت نيته، وبَيَّن ذلك بوجوه:

الأول: موافقة محبة الله عز وجل في تحصيل الولد لإبقاء جنس الإنسان.

الثاني: طلب محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في تكثير من يباهي بهم الأنبياء والأمم يوم القيامة.

الثالث: طلب البركة، وكثرة الأجر، ومغفرة الذنب بدعاء الولد الصالح له بعده. (الإحياء).

- ومن المعلوم أن الأولاد منذ القديم كانوا أمنية الناس حتى الأنبياء والمرسلين وسائر عباد الله الصالحين، وسيظلون كذلك ما سلمت فطرة الإنسان، فالأولاد نعمة تتعلق بها قلوب البشر وترجوها.

دعا إبراهيم عليه السلام ربه قائلاً (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِين).

وقال تعالى عن زكريا عليه السلام (إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا. قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا. وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا. يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا. يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِياً).

وأثنى الله تعالى على عباده الصالحين بمحامد كثيرة منها قوله (والَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً).

وأخبر الله تعالى أن شعيباً عليه السلام أمر قومه أن يذكروا نعمة الله عليهم إذ جعلهم كثرة بعد قلة، فقال (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُم).

قال في عود المعبود: وَقَيَّدَ بِهَذَيْنِ لأَنَّ الْوَلُود إِذَا لَمْ تَكُنْ وَدُودًا لَمْ يَرْغَب الزَّوْج فِيهَا، وَالْوَدُود إِذَا لَمْ تَكُنْ وَلُودًا لَمْ يَحْصُل الْمَطْلُوب وَهُوَ تَكْثِير الأُمَّة بِكَثْرَةِ التَّوَالُد، وَيُعْرَف هَذَانِ الْوَصْفَانِ فِي الأَبْكَار مِنْ أَقَارِبهنَّ إِذْ الْغَالِب سِرَايَة طِبَاع الأَقَارِب بَعْضهنَّ إِلَى بَعْض ا. هـ

ثالثاً: أن تكون بكراً.

أ-لقوله -صلى الله عليه وسلم- لجابر (هل تزوجت يا جابر؟ قال: نعم، قال: بكراً أم ثيباً؟ قال: بل ثيباً، قال: فهلا بكراً تلاعبها وتلاعبك).

قال النووي: وفيه فضيلة تزوج الأبكار وثوابهن أفضل.

وقال الحافظ: وفي الحديث الحث على نكاح الأبكار.

ب-وعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ نَزَلْتَ وَادِياً وَفِيهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا، وَوَجَدْتَ شَجَراً لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا، فِي أَيِّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ قَالَ «فِي الَّذِي لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا». تَعْنِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْراً غَيْرَهَا) رواه البخاري.

ج- وقال عثمان لابن مسعود: هل لك يا أبا عبد الرحمن في أن نزوجك بكراً تُذكرك ما كنت تعهد.

د- وفي الحديث عن جابر قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (عليكم بالأبكار، فإنهنَّ أنتق أرحامًا، وأعذب أفواهًا، وأقل خبًا، وأرضى باليسير).

ولأن البكر تحب الزوج وتألفه أكثر من الثيب، وهذه طبيعة جُبِل الإنسان عليها - أعني الأنس بأول مألوف.

وقد مدح الله الأبكار وجعل هذه الصفة من صفات نساء الجنة قال تعالى (إنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً. فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً).

يقول الغزالي: في البكر خواص لا توجد في الثيب:

منها: أنها لا تحن أبدًا إلا للزوج الأول، وآكد الحب ما يقع في الحبيب الأول.

ومنها: إقبال الرجل عليها، وعدم نفوره منها، فإن طبع الإنسان النفور عن التي مسها غيره، ويثقل عليه ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>