وقد ذكر بعض العلماء استحباب أن تكون الزوجة من غير الأقارب.
قال الغزالي رحمه الله: أن لا تكون من القرابة القريبة، فإن ذلك يقلل الشهوة .... (الإحياء).
وقال ابن قدامة رحمه الله: يختار الأجنبية، فإن ولدها أنجب، ولهذا يقال: اغتربوا لا تضووا يعني: انكحوا الغرائب كي لا تضعف أولادكم، وقال بعضهم: الغرائب أنجب، وبنات العم أصبر; ولأنه لا تؤمن العداوة في النكاح، وإفضاؤه إلى الطلاق، فإذا كان في قرابته أفضى إلى قطيعة الرحم المأمور بصلتها) (المغني).
غير أن هذا الحكم لم يتفق عليه الفقهاء، فقد رَدَّه بعضهم، مستدلين بتزويج النبي -صلى الله عليه وسلم- ابنته فاطمة من ابن عم أبيها علي بن أبي طالب، وتزويجه ابنته زينب من ابن خالتها أبي العاص بن الربيع، وغير ذلك.
قال السبكي رحمه الله - معلقا على القول باستحباب تغريب النكاح -:
"ينبغي أن لا يثبت هذا الحكم لعدم الدليل، وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم علياً بفاطمة رضي الله تعالى عنهما، وهي قرابة قريبة.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله:
قرأتُ قولاً يقول:(اغتربوا لا تضووا) هل هو حديث صحيح، وهل هناك أحاديث أخرى حول هذا الموضوع؟ نرجو توضيح السنة الصحيحة في مسألة اختيار الزوجة؟
فأجاب: ليس لهذا أصل، بل كونها تتزوج من الأقارب أفضل، والنبي -صلى الله عليه وسلم- زوج من أقاربه عليه الصلاة والسلام، أما قول بعض الفقهاء هذا لا أصل له، بل هو مخير، إن شاء تزوج قريبة كبنت عمه وخاله، وإن شاء تزوج بعيداً، لا حرج في ذلك.
وأما قول من قال: الأجنبية أنجب وأفضل، فهذا لا أصل له، ولا دليل عليه، فإن تيسرت قريبة طيبة فهي أولى، وهي من هذا الباب صلة رحم، أما إن كانت الأجنبية أزين، وأكثر خيراً، فالأجنبية أفضل.
المقصود أن يتحرى المرأة الصالحة قريبة أو غير قريبة، لقوله -صلى الله عليه وسلم- (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)، فالمؤمن يلتمس ذات الدين الطيبة وإن كانت من غير أقاربه، والزوجة كذلك تلتمس الزوج الصالح، وتسأل عنه، وإن كان من غير أقاربها .... (فتاوى نور على الدرب).