القول الثاني: أن الشرط باطل، والنكاح صحيح.
وهذا مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية.
أ-أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال (المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً)، قالوا: وهذا الشرط الذي اشترط يحرم الحلال، وهو التزوج والتسري وغير ذلك.
ب- لحديث (لا تسأل المرأة طلاق أختها … ).
ج-ولقوله -صلى الله عليه وسلم- (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط) متفق عليه.
وقالوا: وهذا ليس في كتاب الله، لأن الشرع لا يقتضيه.
د- وقالوا: إن هذه الشروط ليست من مصلحة العقد ولا مقتضاه.
والراجح الجواز، ورجحه ابن القيم.
قال ابن القيم: وتضمن حكمُه -صلى الله عليه وسلم- بطلانَ اشتراط المرأة طلاقَ أختها، وأنه لا يجب الوفاءُ به. فإن قيل: فما الفرق بين هذا وبين اشتراطها أن لا يتزوج عليها حتى صححتم هذا وأبطلتم شرط الضرة؟ قيل: الفرقُ بينهما أن في اشتراط طلاقِ الزوجة من الإضرار بِها، وكسرِ قلبها، وخرابِ بيتها، وشماتةِ أعدائها ما ليس في اشتراط عدمِ نكاحها، ونكاحِ غيرها، وقد فرق النصُّ بينهما، فقياس أحدهما على الآخر فاسد.
قال ابن قدامة: (وَإِذَا تَزَوَّجَهَا، وَشَرَطَ لَهَا أَنْ لا يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا فَلَهَا شَرْطُهَا لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ (أَحَقُّ مَا أَوْفَيْتُمْ بِهِ مِنْ الشُّرُوطِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ) وَإِنْ تَزَوَّجَهَا، وَشَرَطَ لَهَا أَنْ لا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، فَلَهَا فِرَاقُهُ إذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا).
وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الشُّرُوطَ فِي النِّكَاحِ تَنْقَسِمُ أَقْسَامًا ثَلاثَةً، أَحَدُهَا مَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَهُوَ مَا يَعُودُ إلَيْهَا نَفْعُهُ وَفَائِدَتُهُ، مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَ لَهَا أَنْ لا يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا أَوْ لا يُسَافِرَ بِهَا، أَوْ لا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، وَلا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا، فَهَذَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ لَهَا بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَهَا فَسْخُ النِّكَاح .... (المغني).
وسئل شيخ الإسلام رحمه الله عن هذه المسألة وأجاب ففي الفتاوى الكبرى:
مَسْأَلَةٌ: فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَلا يَنْقُلَهَا مِنْ مَنْزِلِهَا، وَأَنْ تَكُونَ عِنْدَ أُمِّهَا، فَدَخَلَ عَلَى ذَلِكَ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ وَإِذَا خَالَفَ هَذِهِ الشُّرُوطَ، فَهَلْ لِلزَّوْجَةِ الْفَسْخُ أَمْ لا؟