قال الحافظ ابن حجر في الفتح: ومنهم من ادعى أنه منسوخ، ورد بعدم معرفة التاريخ. ا. هـ
ثالثاً: موافقة اليهود في أول الأمر ثم نُهي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك:
وممن ذهب إلى هذا الطحاوي ورد ابن رشد ثم ابن العربي عليه، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وقال الطحاوي: يحتمل أن يكون حديث جذامة على وفق ما كان عليه الأمر أولاً من موافقة أهل الكتاب، وكان -صلى الله عليه وسلم- يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه، ثم أعلمه الله بالحكم فكذب اليهود فيما كانوا يقولونه.
وتعقبه ابن رشد ثم ابن العربي بأنه لا يجزم بشيء تبعاً لليهود ثم يصرح بتكذيبهم فيه. ا. هـ
رابعاً: تصحيح حديث جذامة وتضعيف ما عداها من الأحاديث:
وذهب بعض أهل العلم إلى الأخذ بحديث جذامة وتضعيف غيرها، بحكم أن حديث جذامة في الصحيح ولكن رد هذا القول الحافظ ابن حجر في الفتح فقال: ومنهم من رجح حديث جذامة بثبوته في الصحيح، وضعف مقابله بأنه حديث واحد اختلف في إسناده فاضطرب، ورد بأن الاختلاف إنما يقدح حيث لا يقوى بعض الوجوه فمتى قوي بعضها عمل به.
خامساً: رأي ابن حزم في المسألة: نقل الحافظ ابن حجر رأي ابن حزم فقال: ورجح ابن حزم العمل بحديث جذامة بأن أحاديث غيرها توافق أصل الإباحة وحديثها يدل على المنع قال: فمن ادعى أنه أبيح بعد أن منع فعليه البيان.
وتعقب بأن حديثها ليس صريحاً في المنع إذ لا يلزم من تسميته وأداً خفياً على طريق التشبيه أن يكون حراما. ا. هـ
سادساً: جمع بعض أهل العلم بين حديث جذامة وغيرها من الأحاديث والتي ظاهرها التعارض ومنهم ابن القيم:
فقال: فاليهود ظنت أن العزل بمنزلة الوأد في إعدام ما انعقد بسبب خلقه، فكذبهم في ذلك، وأخبر أنه لو أراد الله خلقه ما صرفه أحد، وأما تسميته وأداً خفياً، فلأن الرجل إنما يعزل عن امرأته هرباً من الولد وحرصاً على أن لا يكون، فجرى قصده ونيته وحرصه على ذلك مجرى من أعدم الولد بوأده، لكن ذاك وأد ظاهر من العبد فعلاً وقصداً، وهذا وأد خفي له، إنما أراده ونواه عزماً ونية، فكان خفياً.