للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القول الثاني: لم يكن واجباً.

واستدل أصحاب هذا القول بقوله تعالى (تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً).

قال أبو بكر الجصاص رحمه الله: وهذه الآية تدل على أن القسم بينهن لم يكن واجباً على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه كان مخيراً في القسم لمن شاء منهن، وترك من شاء منهن ....

وحمل أصحاب هذا القول حديث -صلى الله عليه وسلم- (اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما لا أملك) على مكارم الأخلاق وجميل العشرة منه -صلى الله عليه وسلم-.

والله أعلم.

فائدة: قوله (طاف على نسائه في ليلة واحدة بغسل واحد).

ليس في هذا الحديث دليل لمن كان تحته أكثر من واحدة، أن يدخل عليهن ويجامعهن في ليلة التي هو يومها، إلا أن يكون ذلك عن رضا منهن.

قال النووي رحمه الله: قد يقال: قد قال الفقهاء: أقل القسم ليلة لكل امرأة، فكيف طاف على الجميع في ليلة واحدة؟

وجوابه من وجهين:

أحدهما: أن هذا كان برضاهن، ولا خلاف في جوازه برضاهن كيف كان.

والثاني: أن القسم في حق النبي -صلى الله عليه وسلم- هل كان واجباً في الدوام؟

فيه خلاف لأصحابنا، قال أبو سعيد الإصطخري: لم يكن واجباً، وإنما كان يقسم بالسوية، ويقرع بينهن تكرماً وتبرعاً لا وجوباً، وقال الأكثرون: كان واجباً، فعلى قول الإصطخري لا إشكال. (شرح مسلم).

والجواب الثالث: ما ذكره ابن عبد البر رحمه الله حيث قال:

وهذا معناه في حين قدومه من سفر أو نحوه، في وقت ليس لواحدة منهن يوم معين معلوم، فجمعن حينئذ، ثم دار بالقسم عليهن بعد - والله أعلم - لأنهن كن حرائر وسنته عليه السلام - فيهن العدل في القسم بينهن، وألا يمس الواحدة في يوم الأخرى.

(الاستذكار).

<<  <  ج: ص:  >  >>