القول الرابع: كل ما صح العقد عليه بيعاً، أو إجارة، فإنه يصح أن يكون صداقاً، سواء كان عيناً أو منفعة.
فالعين مثل: أن يعطيها دراهم أو يعطيها متاعاً.
والمنفعة مثل: استخدامها إياه، أو تستوفي منه بغير الخدمة أن يبني لها بيتاً.
أ- لقوله تعالى (أن تبتغوا بأموالكم … ) وهذا يدخل فيه القليل والكثير.
ب- لحديث الباب (مَنْ أَعْطَى فِي صَدَاقِ اِمْرَأَةٍ سَوِيقًا، أَوْ تَمْرًا، فَقَدْ اِسْتَحَلَّ).
فقالوا: إن الحديث يدل على صحة كون الصداق شيئاً قليلاً كالمد من الطعام وأنه يجزي مطلق السويق والتمر وإن قل وتحل به المرأة فلا يشترط أن يكون الصداق من الدراهم أو الدنانير.
قال ابن قدامة: ولنا، قول النبي -صلى الله عليه وسلم- للذي زوجه (هل عندك من شيء تصدقها؟ قال: لا أجد، قال: التمس، ولو خاتماً من حديد) متفق عليه.
وعن عامر بن ربيعة، أن امرأة من بني فزارة، تزوجت على نعلين، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أرضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ قالت: نعم. فأجازه) أخرجه أبو داود، والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
ولأنه بدل منفعتها، فجاز ما تراضيا عليه من المال، كالعشرة وكالأجرة. (المغني).
وقال ابن قدامة عن دليل الحنفية بالقياس:
قياسهم لا يصح فإن النكاح استباحة الانتفاع بالجملة، والقطع إتلاف عضو دون استباحة، وهو عقوبة وحد، وهذا عوض فقياسه على الأعواض أولى.
وقال ابن القيم: إن الأثر الذي استدل به - يعني الحنفية - لا يثبت، وقياسهم من أفسد القياس، فأين النكاح من اللصوصية؟ وأين استباحة الفرج به من قطع اليد في السرقة.
وقال ابن القيم: حديث العشرة دراهم لا يصح لأنه من وضع حرام بن عثمان وقد صح عن جابر جواز النكاح على القليل والكثير.
قال ابن قدامة: وأما أكثر الصداق، فلا توقيت فيه، بإجماع أهل العلم، قاله ابن عبد البر.
وقد قال الله عز وجل (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئاً).