وجه الاستدلال: أن الآية بينت أن الطلاق المشروع هو ما كان للعدة، أي: لاستقبال العدة، بأن تطلق المرأة واحدة لتستقبل العدة، والقول بجمع الثلاث مخالف لمقتضى الآية، لأنه لا يكون فيه استقبال لعدتها حيث تكون الطلقة الثانية والثالثة في وقت عدتها فلا تصح وإذا لم يصح لم يقع.
ج- لحديث الباب - ابن عباس - كان الطلاق على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر .... ).
وجه الدلالة: أن الطلاق بلفظ واحد كان يعد طلقة واحدة في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر، وأن عمر لم يجعله ثلاثاً إلا لما رأى استعجال الناس في جمع الطلاق، وهذا من باب السياسة الشرعية التي توجد مع الحاجة والمصلحة، وإلا فإن الأمر مستقر عند الصحابة في ذلك.
د- حديث الباب (أن ركانة طلق امرأته ثلاثاً … فقال -صلى الله عليه وسلم-: إنما تلك واحدة).
وجه الاستدلال: ظاهر حيث جعل -صلى الله عليه وسلم- الثلاث واحدة.
القول الثاني: أن طلاق الثلاث يقع ثلاثاً.
وهذا قول جماهير العلماء، بل حكي إجماعاً.
قال ابن قدامة: وإن طلق ثلاثاً بكلمة واحدة وقع الثلاث وحرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، ولا فرق بين قبل الدخول وبعده، روي ذلك عن ابن عباس، وأبي هريرة، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو، وابن مسعود، وأنس، وهو قول أكثر أهل العلم من التابعين، والأئمة بعدهم.
وقال القرطبي: قال علماؤنا: واتفق أئمة الفتوى على لزوم إيقاع الطلاق الثلاث في كلمة واحدة، وهو قول الجمهور.
قال ابن القيم: أنه يقع، وهذا قول الأئمة الأربعة، وجمهور التابعين وكثير من الصحابة.
وقال ابن عبد الهادي: قال ابن رجب: اعلم أنه لم يثبت عن أحد من الصحابة ولا من التابعين ولا من أئمة السلف المعتد بقولهم في الفتاوى في الحلال والحرام- شيء صريح في أن الطلاق الثلاث بعد الدخول يحسب واحدة إذا سبق بلفظ واحد.
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: وعلى هذا القول- أي: اعتبارها ثلاثاً- جل الصحابة وأكثر العلماء منهم الأئمة
الأربعة. ا. هـ
أ- لقوله تعالى (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ).
وجه الدلالة: أن قوله (الطلاق مرتان) يدل على جواز جمع التطليقتين معاً وأنه يقع بهما، وإذا وقع بالاثنتين وقع بالثلاث إذا جمعت.
ب-قال النووي: واحتج الجمهور بقوله تعالى (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا).
قالوا: معناه: أن المطلق قد يحدث له ندم فلا يمكنه تداركه؛ لوقوع البينونة، فلو كانت الثلاث لا تقع لم يقع طلاقه إلا رجعياً فلا يندم.