للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال النووي: وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي نُزُول آيَة اللِّعَان هَلْ هُوَ بِسَبَبِ عُوَيْمِر الْعَجْلَانِيّ أَمْ بِسَبَبِ هِلَال بْن أُمَيَّة؟

فَقَالَ بَعْضهمْ: بِسَبَبِ عُوَيْمِر الْعَجْلَانِيّ. وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْحَدِيث الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِم فِي الْبَاب أَوَّلًا لِعُوَيْمِر: (قَدْ أَنْزَلَ اللَّه فِيك وَفِي صَاحِبَتك).

وَقَالَ جُمْهُور الْعُلَمَاء: سَبَب نُزُولهَا قِصَّة هِلَال بْن أُمَيَّة. وَاسْتَدَلُّوا بِالْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِم بَعْد هَذَا فِي قِصَّة هِلَال قَالَ: وَكَانَ أَوَّل رَجُل لَاعَنَ فِي الْإِسْلَام.

قَالَ الْمَاوَرْدِيّ مِنْ أَصْحَابنَا فِي كِتَابه الْحَاوِي: قَالَ الْأَكْثَرُونَ: قِصَّة هِلَال بْن أُمَيَّة أَسْبَق مِنْ قِصَّة الْعَجْلَانِيّ. قَالَ: وَالنَّقْل فِيهِمَا مُشْتَبَه وَمُخْتَلِف. وَقَالَ اِبْن الصَّبَّاغ مِنْ أَصْحَابنَا فِي كِتَابه الشَّامِل فِي قِصَّة هِلَال: تَبَيَّنَ أَنَّ الْآيَة نَزَلَتْ فِيهِ أَوَّلًا، قَالَ: وَأَمَّا قَوْله -صلى الله عليه وسلم- لِعُوَيْمِر (إِنَّ اللَّه قَدْ أَنْزَلَ فِيك وَفِي صَاحِبَتك) فَمَعْنَاهُ مَا نَزَلَ فِي قِصَّة هِلَال لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْم عَامّ لِجَمِيعِ النَّاس. قُلْت: وَيُحْتَمَل أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِمَا جَمِيعًا فَلَعَلَّهُمَا سَأَلَا فِي وَقْتَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ فَنَزَلَتْ الْآيَة فِيهِمَا وَسَبَقَ هِلَال اللِّعَان فَيَصْدُق أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي هَذَا وَفِي ذَاكَ وَأَنَّ هِلَالًا أَوَّل مَنْ لَاعَنَ وَاَللَّه أَعْلَم. (نووي).

وقال ابن حجر: وقد اختلف الأئمة في هذا الموضع:

فمنهم من رجح أنها نزلت في شأن عويمر.

ومنهم من رجح أنها نزلت في شأن هلال.

ومنهم من جمع بينهما بأن أول من وقع له ذلك هلال وصادف مجيء عويمر أيضاً فنزلت في شأنهما معاً في وقت واحد وقد جنح النووي إلى هذا وسبقه الخطيب فقال لعلهما اتفق كونهما جائى في وقت واحد. (الفتح).

قوله (فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا)

قال النووي: الْمُرَاد كَرَاهَة الْمَسَائِل الَّتِي لَا يُحْتَاج إِلَيْهَا لَا سِيَّمَا مَا كَانَ فِيهِ هَتْك سِتْر مُسْلِم أَوْ مُسْلِمَة أَوْ إِشَاعَة فَاحِشَة أَوْ شَنَاعَة عَلَى مُسْلِم أَوْ مُسْلِمَة قَالَ الْعُلَمَاء: أَمَّا إِذَا كَانَتْ الْمَسَائِل مِمَّا يُحْتَاج إِلَيْهِ فِي أُمُور الدِّين وَقَدْ وَقَعَ فَلَا كَرَاهَة فِيهَا وَلَيْسَ هُوَ الْمُرَاد فِي الْحَدِيث. وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَسْأَلُونَ رَسُول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- عَنْ الْأَحْكَام الْوَاقِعَة فَيُجِيبهُمْ وَلَا يَكْرَههَا، وَإِنَّمَا كَانَ سُؤَال عَاصِم فِي هَذَا الْحَدِيث عَنْ قِصَّة لَمْ تَقَع بَعْد وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَيْهَا، وَفِيهَا شَنَاعَة عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات، وَتَسْلِيط الْيَهُود وَالْمُنَافِقِينَ وَنَحْوهمْ عَلَى الْكَلَام فِي أَعْرَاض الْمُسْلِمِينَ وَفِي الْإِسْلَام، وَلِأَنَّ مِنْ الْمَسَائِل مَا يَقْتَضِي جَوَابه تَضْيِيقًا وَفِي الْحَدِيث الْآخَر: أَعْظَم النَّاس حَرْبًا مَنْ سَأَلَ عَمَّا يُحْرَم فَحُرِمَ مِنْ أَجْل مَسْأَلَته.

<<  <  ج: ص:  >  >>