ج- يشهد لما سبق من جواز الإلحاق ما جاء في قصة جريج العابد، لما قال للغلام الذي زنت أمه بالراعي:(قالَ مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ، قَالَ: الرَّاعِي … ) متفق عليه.
فكلام الصبي كان على وجه الكرامة وخرق العادة من الله، وقد أخبر أن الراعي أبوه، مع أن العلاقة علاقة زنى؛ فدل على إثبات الأبوة للزاني.
قال ابن القيم: وَهَذَا إِنْطَاقٌ مِنَ اللَّهِ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْكَذِب.
وقال القرطبي: النبي -صلى الله عليه وسلم- قد حكى عن جريج أنه نسب ابن الزنى للزاني، وصدَّق الله نسبته بما خرق له من العادة في نطق الصبي بالشهادة له بذلك، وأخبر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- عن جريج في معرض المدح وإظهار كرامته، فكانت تلك النسبة صحيحة بتصديق الله تعالى وبإخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فثبتت البنوة وأحكامها. (التفسير).
وقال الشيخ ابن عثيمين: واستدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن ولد الزنى يلحق الزاني؛ لأن جريجاً قال: من أبوك؟ قال: أبي فلان الراعي، وقد قصها النبي -صلى الله عليه وسلم- علينا للعبرة، فإذا لم ينازع الزاني في الولد واستلحق الولد فإنه يلحقه، وإلى هذا ذهب طائفة يسيرة من أهل العلم. (ش رياض الصالحين).
هـ- أن الشارع يتشوف لحفظ الأنساب ورعاية الأولاد، والقيام عليهم بحسن التربية والإعداد، وحمايتهم من التشرد والضياع.
- وفي نسبة ولد الزنا إلى أبيه تحقيق لهذه المصلحة، خصوصًا أن الولد لا ذنب له، ولا جناية حصلت منه، ولو نشأ من دون أب ينسب إليه ويعني بتربيته والإنفاق عليه لأدى ذلك في الغالب إلى تشرده وضياعه وانحرافه وفساده، وربما نشأ حاقدًا على مجتمعه، مؤذيًا له بأنواع الإجرام والعدوان " ينظر: "فقه الأسرة عند ابن تيمية" (٢/ ٧٥٩) .... والله أعلم.