خامساً: تجب الكفارة على من قتل كافراً معصوماً.
ذهب جمهور العلماء إلى وجوب الكفارة على من قتل كافراً معصوماً.
والكافر المعصوم ثلاثة أنواع:
١ - الذمي. وهو من بيننا وبينه عقد الذمة.
٢ - المعاهَد. من بيننا وبين قومه عهد على ترك القتال.
٣ - المستأمِن. وهو من دخل بلاد الإسلام بأمان، كمن دخلها للتجارة أو العمل أو زيارة قريب أو ما أشبه ذلك.
فمن قتل كافراً معصوماً فعليه شيئان:
الأول: الدية، تسلم إلى أهله. وهذا إذا كان أهله غير محاربين. وأما إذا كان أهله محاربين لنا فلا يستحقون الدية، لأن أموالهم ودماءهم لا حرمة لها. (تفسير السعدي).
الثاني: الكفارة وهذا قول جمهور العلماء.
قال ابن قدامة: وَتَجِبُ (تعني الكفارة) بِقَتْلِ الْكَافِرِ الْمَضْمُونِ، سَوَاءٌ كَانَ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا. وَبِهَذَا قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ، وَمَالِكٌ: لَا كَفَّارَةَ فِيهِ; لقوله تعالى: (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ). فَمَفْهُومُهُ أَنْ لا كَفَّارَةَ فِي غَيْرِ الْمُؤْمِنِ.
وَلَنَا، قوله تعالى (وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) وَالذِّمِّيُّ لَهُ مِيثَاقٌ، وَهَذَا مَنْطُوقٌ يُقَدَّمُ عَلَى دَلِيلِ الْخِطَابِ، وَلأَنَّهُ آدَمِيٌّ مَقْتُولٌ ظُلْمًا، فَوَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِقَتْلِهِ، كَالْمُسْلِمِ اهـ.
وقد اختار هذا القول جماعة من المفسرين منهم: الطبري (٩/ ٤٣) والقرطبي (٥/ ٣٢٥) وابن كثير (٢/ ٣٧٦)
- قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله:
كفارة القتل الخطأ تجب على الفور، فإن كان من وجب عليه الصيام ضعيفاً ضعفاً يمنعه من الصيام بحيث لا يتضرر به، فيبقى الصيام ثابتاً في ذمته فمتى قدر عليه فعله، لعموم قوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا). ولقوله تعالى: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ). وإن كان من وجب عليه كبيراً فإن الصيام يسقط عنه …
ثم قال: إذا كان قادراً على الصيام في غير الوقت الذي وجب عليه فيه فهل يجوز له تأخيره إلى وقت الشتاء؟
والجواب: إذا كان لا يستطيعه في وقت ويستطيعه في وقت آخر فلا مانع من تأخيره إلى وقت الاستطاعة، لعموم قوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا). وقوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) " انتهى باختصار.
"فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (١١/ ٣٧١ - ٣٧٢).