وظاهر كلام الخرقي أن الدية لا تغلظ بشيء من ذلك.
وهو قول الحسن، والشعبي، والنخعي، وأبي حنيفة، والجورجاني، وابن المنذر.
وروي ذلك عن الفقهاء السبعة وعمر بن عبد العزيز وغيرهم.
لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (في النفس المؤمنة مائة من الإبل) لم يزد على ذلك.
وفي حديث أبي شريح، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (وأنتم يا خزاعة قد قتلتم هذا القتيل من هذيل، وأنا والله عاقله، من قتل له قتيل بعد ذلك، فأهله بين خيرتين؛ إن أحبوا قتلوا، وإن أحبوا أخذوا الدية).
وهذا القتل كان بمكة في حرم الله تعالى، فلم يزد النبي -صلى الله عليه وسلم- على الدية، ولم يفرق بين الحرم وغيره.
وقول الله عز وجل (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) يقتضي أن الدية واحدة في كل مكان، وفي كل حال.
ولأن عمر -رضي الله عنه- أخذ من قتادة المدلجي دية ابنه، ولم يزد على مائة.
وروى الجوزجاني، بإسناده عن أبى الزناد، أن عمر بن عبد العزيز، كان يجمع الفقهاء، فكان مما أحيي من تلك السنن بقول فقهاء المدينة السبعة ونظرائهم، أن ناسا كانوا يقولون: إن الدية تغلظ في الشهر الحرام أربعة آلاف، فتكون ستة عشر ألف درهم، فألغى عمر، رحمه الله، ذلك بقول الفقهاء، وأثبتها اثني عشر ألف درهم في الشهر الحرام، والبلد الحرام، وغيرهما.
قال ابن المنذر: وليس بثابت ما روي عن الصحابة في هذا.
ولو صح فقول عمر يخالفه،
فائدة: قال ابن قدامة: ولا تغلظ الدية بموضع غير الحرم.
وقال أصحاب الشافعي: تغلظ الدية بالقتل في المدينة على قوله القديم؛ لأنها مكان يحرم صيده، فأشبهت الحرم.
وليس بصحيح؛ لأنها ليست محلاً للمناسك، فأشبهت سائر البلدان، ولا يصح قياسها على الحرم (لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أي بلد هذا؟ أليست البلدة الحرام؟ قال: فإن دماءكم وأموالكم بينكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا).
وهذا يدل على أنه أعظم البلاد حرمة.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- (إن أعتى الناس على الله رجل قتل في الحرم، ورجل قتل غير قاتله، ورجل قتل بدخل الجاهلية (.