أ- ولنا، قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (ألا إن في قتيل عمد الخطأ، قتيل السوط والعصا، مائة من الإبل).
ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- فرق بين دية العمد والخطأ، فغلظ بعضها، وخفف بعضها، ولا يتحقق هذا في غير الإبل.
ج- ولأنه بدل متلف حقا لآدمي، فكان متعينا كعوض الأموال.
وحديث ابن عباس يحتمل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوجب الورق بدلا عن الإبل، والخلاف في كونها أصلاً.
وحديث عمرو بن شعيب يدل على أن الأصل الإبل، فإن إيجابه لهذه المذكورات على سبيل التقويم، لغلاء الإبل، ولو كانت أصولا بنفسها، لم يكن إيجابها تقويما للإبل، ولا كان لغلاء الإبل أثر في ذلك، ولا لذكره معنى.
وقد روي أنه كان يقوم الإبل قبل أن تغلو بثمانية آلاف درهم، ولذلك قيل: إن دية الذمي أربعة آلاف درهم، وديته نصف الدية، فكان ذلك أربعة آلاف حين كانت الدية ثمانية آلاف درهم.
فائدة: قال ابن قدامة: وإن قلنا: الأصل الإبل خاصة.
فعليه تسليمها إليه سليمة من العيوب، وأيهما أراد العدول عنها إلى غيرها، فللآخر منعه؛ لأن الحق متعين فيها، فاستحقت، كالمثل في المثليات المتلفة.
وإن أعوزت الإبل، ولم توجد إلا بأكثر من ثمن المثل، فله العدول إلى ألف دينار، أو اثني عشر ألف درهم.
وهذا قول الشافعي القديم.
وقال في الجديد: تجب قيمة الإبل، بالغة ما بلغت؛ لحديث عمرو بن شعيب عن عمر في تقويم الإبل، ولأن ما ضمن بنوع من المال، وجبت قيمته، كذوات الأمثال، ولأن الإبل إذا أجزأت إذا قلت قيمتها، ينبغي أن تجزئ وإن كثرت قيمتها، كالدنانير إذا غلت أو رخصت.
وهكذا ينبغي أن نقول إذا غلت الإبل كلها، فأما إن كانت الإبل موجودة بثمن مثلها، إلا أن هذا لم يجدها، لكونها في غير بلده، ونحو ذلك، فإن عمر قوم الدية من الدراهم اثني عشر ألفا وألف دينار. (المغني).