للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكقوله (فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً).

فإذا كانت العطوف التي بـ «أو» في القرآن - في كلّ ما أوجب الله به فرضًا منها في سائر القرآن - بمعنى التخيير، فكذلك في آية المحاربين: الإمامُ مُخَيَّر فيما رأى الحكم به على المحارب إذا قدر عليه، وقد قال ابن عباس: «ما كان في القرآن «أو» فصاحبه بالخيار.

والراجح القول الأول، ويكون حكمهم كالتالي:

إذا قتلوا وأخذوا المال، فإنهم يقتلون ويصلبون.

وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال، فإنهم يقتلون ولا يصلبون.

وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم (اليد اليمنى والرجل اليسرى).

وإن لم يقتلوا ولم يأخذوا مالاً نفوا.

هذا الترتيب في حكمهم هو قول جمهور العلماء.

- إذا أخذ مالاً ولم يقتل قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى، ويقطعان معاً، لأن الله قال (أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ) والواو للجمع والاشتراك.

- فإذا لم يقتل ولم يسرق فإنه ينفى، فلا يُترك يأوي إلى بلد، وهذا قول الحنابلة لظاهر الآية (أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ).

وذهب بعض العلماء - وهو قول الحنفية والشافعية - أن النفي هو السجن.

وذهب بعض العلماء - وهو قول لمالك واختاره ابن جرير والشنقيطي - أنه ينفى إلى بلد آخر ويُسجن فيه، ولا يزال منفياً حتى تظهر توبته.

• إذا قتل فإنه يتحتم قتله، فيقام عليه القصاص، وليس فيه خيار لأولياء المقتول، لأن القتل هنا ليس قصاصاً، ولكنه حد، فلا يجوز العفو عنه، وآية المحاربة بينت أن عقوبة القتل عقوبة تثبت جزاء المحاربة لله تعالى، وما كان كذلك فهو حق لله تعالى لا يجوز إسقاطه، ولأن ضرر هذه الجريمة ضرر عام للمجتمع بأسره غير مختص بالمجني عليه.

• إذا قتل وأخذ المال فإنه يقتل ويصلب، لقوله تعالى (أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا).

والصلب: أن يربط على خشبة لها يدان معترضتان وعود قائم.

قيل: يقتل ثم يصلب، وقيل: بل يصلب قبل القتل، والله أعلم.

والراجح في مدة الصلب، أنه يصلب حتى يشتهر أمره، لأن المقصود يحصل به.

وهذا الترتيب على مذهب الجمهور كما سبق، وذهب مالك إلى أن تعدد العقوبات هنا يقصد به التخيير، وأن الإمام مخير، لأن لفظة (أو) للتخيير، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>