ثالثاً: قال النووي: سبب كونهما كبيرين أن عدم التنزه من البول يلزم منه بطلان الصلاة فتركه كبيرة بلا شك، والمشي بالنميمة والسعي بالفساد من أقبح القبائح.
رابعاً: لم يعرف اسم المقبورين ولا أحدهما، والظاهر أن ذلك كان على عمد من الرواة لقصد الستر عليهما.
قال الحافظ: وما حكاه القرطبي في التذكرة وضعفه عن بعضهم أن أحدهما سعد بن معاذ فهو قول باطل لا ينبغي ذكره إلا مقروناً ببيانه، ومما يدل على بطلانه الحكاية المذكورة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حضر دفن سعد بن معاذ، كما ثبت في الحديث الصحيح، وأما قصة المقبورين ففي حديث أبي أمامة عند أحمد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لهم: من دفنتم اليوم ههنا؟ فدل على أنه لم يحضرهما. [قاله الحافظ]
خامساً: اختلف في المقبورين:
فقيل: كانا كافرين.
وقيل: كانا مسلمين وهذا هو الصحيح، ويدل لذلك:
أنه جاء عند أحمد (أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مر بالبقيع فقال: من دفنتم هنا؟) فهذا يدل على أنهما كانا مسلمين لأن البقيع مقبرة المسلمين.
سادساً: عظم أمر النميمة وأنها من كبائر الذنوب.
وقد قال -صلى الله عليه وسلم- (لا يدخل الجنة نمام) متفق عليه.
سابعاً: اختلف العلماء يسن وضع جريدة رطبة على القبر؟
ذهب بعض العلماء إلى أنه يسن ذلك وقد أوصى بذلك بريدة بن الحصيب -رضي الله عنه-.
والصحيح أنه لا يجوز ذلك.
ورجح ذلك الخطابي والقاضي عياض وقال: لأنه علل غرزهما على القبر بأمر مغيب وهو قوله (ليعذبان).
وَقَدْ اِسْتَنْكَرَ الْخَطَّابِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَضْعَ النَّاس الْجَرِيد وَنَحْوه فِي الْقَبْر عَمَلا بِهَذَا الْحَدِيث وَقَال عن هذا الحديث: هُوَ مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ دَعَا لَهُمَا بِالتَّخْفِيفِ مُدَّة بَقَاء النَّدَاوَة، لا أَنَّ فِي الْجَرِيدَة مَعْنًى يَخُصّهُ، وَلا أَنَّ فِي الرَّطْب مَعْنًى لَيْسَ فِي الْيَابِس.
ومما يدل على أنه لا يجوز ذلك أمور:
أ-حديث جابر الطويل في صحيح وفيه (إني مررت بقبرين يعذبان فأحببت بشفاعتي أن يبرد عليهما مادام الغصنان رطبين)
ب-أنه لم يكشف لنا أن هذا الرجل يعذب بخلاف النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ج-أننا إذا فعلنا ذلك فقد أسأنا الظن بالميت، لأننا ظننا به ظن سوء أنه يعذب وما يدرينا فلعله ينعم
د-أن هذا لم يفعله السلف الصالح.