القول الثاني: يستحب ذلك.
وبه قال الإمامان: الشافعي وأحمد.
واستدلوا:
أما روي عنه -صلى الله عليه وسلم- (أنه كان إذا بال نتر ذكره ثلاث نترات) وفي رواية (أمر بذلك) رواه ابن عدي والبيهقي وهو ضعيف.
ب- أنه قال به بعض السلف كالحسن البصري وأبي الشعثاء وجابر بن زيد.
ج- أنه بالسلت والنتر يستخرج ما يخشى عودته بعد الاستنجاء.
القول الثالث: يكره ذلك.
وبه قال بعض الحنابلة واختاره ابن تيمية وقال: نتر الذكر بدعة على الصحيح.
أن ذلك لو كان سنة لكان أولى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما لم يفعلوه، ولم يصح عنهم شيء في ذلك مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- علمهم كل شيء حتى الخراءة، دل ذلك على أنه غير مشروع، والحديث المروي في ذلك ضعيف فلا حجة فيه.
ب- أن البول يخرج بطبعه، وإذا فرغ انقطع بطبعه، وهو كما قيل: كالضرع إن تركته قرّ، وإن حلبته در، والبول الواقف كلما أخرجه جاء غيره، فإنه يرشح دائماً.
ج- أن ذلك من الوسواس أو يؤدي إليه، فإن من اعتاد ذلك ابتلي بما عوفي منه من لهَى عنه.
وهذا القول هو الصحيح.
قال ابن القيم في زاد المعاد: ولم يكن -صلى الله عليه وسلم- يصنع شيئاً مما يصنعه المبتلون بالوسواس من نتر الذكر، والنحنحة والقفز، ومسك الحبل، وطلوع الدرج، وحشو القطن في الإحليل، وصب الماء فيه، وتفقده الفينة بعد الفينة، ونحو ذلك من بدع أهل الوسواس.
بل الذي ثبت خلاف هذه الوساوس.
قال إبراهيم النخعي: ما تفقد إنسان إلا رأى ما يكره أو يسوءه ـ يعني بلة طرف الإحليل. أخرجه ابن أبي شيبة
وهذا رجل قد شكا لابن عباس فقال: (إني أكون في الصلاة فيخيل إليّ أن بذكري بللاً، فقال: قاتل الله الشيطان، إنه يمس ذكر الإنسان في صلاته ليريه أنه قد أحدث، فإذا توضأت فانضح فرجك بالماء، فإن وجدت قلت: هو من الماء، ففعل الرجل ذلك، فذهب). أخرجه عبد الرزاق
وهكذا كان السلف يفعلون، وهكذا كانوا يحتاطون لأنفسهم من هذه البدع.
فعن نافع مولى ابن عمر قال: (كان ابن عمر إذا توضأ نضح فرجه). أخرجه ابن أبي شيبة