للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جاء في الإنصاف: وإن رأى الحاكم تغليظها -يعني اليمين - بلفظ أو زمن أو مكان جاز، وهو المذهب.

واستدلوا:

أ-عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- بِيَهُودِيٍّ مُحَمَّمًا مَجْلُودًا فَدَعَاهُمْ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ «هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ». قَالُوا نَعَمْ. فَدَعَا رَجُلاً مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَالَ «أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ الَّذِى أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ». قَالَ لَا وَلَوْلَا أَنَّكَ نَشَدْتَنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْكَ نَجِدُهُ الرَّجْمَ وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشْرَافِنَا فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الشَّرِيفَ تَرَكْنَاهُ وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ قُلْنَا تَعَالَوْا فَلْنَجْتَمِعْ عَلَى شَيْءٍ نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ فَجَعَلْنَا التَّحْمِيمَ وَالْجَلْدَ مَكَانَ الرَّجْمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إِذْ أَمَاتُوهُ». فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ) متفق عليه.

وجه الدلالة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- غلظ اليمين بالألفاظ على اليهودي لينزجر عن الكذب، فيقاس عليه المسلم، ليحصل له الانزجار كذلك.

ب- أن الناس متفاوتون في العتو، فمنهم من يحجم عن اليمين إذا غلظت عليه، ومنهم من يتجاسر إذا لم تغلظ عليه، فكانت المصلحة في مراعاة ذلك، لتغلظ على من رأى الحاكم الفائدة في تغليظها عليه.

القول الثاني: أن اليمين لا تغلظ بالألفاظ.

وبه قال المالكية.

مستدلين بأن الصفات والألفاظ التي تغلظ بها اليمين عند من يرى ذلك لا غاية لها، وليس بعضها بأولى من بعض، فكان الاقتصار على اسمه تعالى وصفته الأخص متعيناً.

<<  <  ج: ص:  >  >>