للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعن أبي الذيَّال، قال: تعلَّم الصمت كما تعلم الكلام، فإن يكن الكلام يهديك، فإن الصمت يقيك، ألا في الصمت خصلتان: تدفع به جهل من هو أجهل منك، وتعلم به من علم من هو أعلم منك (١٠).

وعن حبيب بن عيسى، قال: كان ابن مريم يقول: ابن آدم الضعيف؛ علم نفسك الصمت كما تعلمها الكلام، وكن مكينًا) حتى تسمع، ولا تكن مضحاكًا في غير عجبٍ، ولا هشًّا في غير أربٍ.

وقال لقمان لابنه: يا بني، إن غلبت على الكلام، فلا تغلب على الصمت، فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول، إني ندمت على الكلام مرارًا، ولم أندم على الصمت مرة واحدة. (٤).

وتكلم أربعة من حكماء الملوك بأربع كلمات كأنها رمية عن قوس: فقال ملك الروم: أفضل علم العلماء السكوت. وقال ملك الفرس: إذا تكلمت بالكلمة ملكتني ولم أملكها. وقال ملك الهند: أنا على ردِّ ما لم أقل أقدر مني على ردِّ ما قلت. وقال ملك الصين: ندمت على الكلام، ولم أندم على السكوت (١٥).

وقد قال بعض الصالحين: الزم الصمت يكسبك صفو المحبة، ويأمنك سوء المغبة، ويلبسك ثوب الوقار، ويكفك مؤنة الاعتذار. وقيل: الصمت آية الفضل، وثمرة العقل، وزين العلم، وعون الحلم؛ فالزمه تلزمك السلامة.

ما هو الصمت المذموم؟

قال علي بن أبي طالب: لا خير في الصمت عن العلم، كما لا خير في الكلام عن الجهل.

وقال ابن تيمية: والصمت عما يجب من الكلام حرام، سواء اتخذه دينًا أو لم يتخذه.

وقال أيضًا: فقول الخير وهو الواجب أو المستحب خير من السكوت عنه.

وقال الباجي: وأما الصمت عن الخير وذكر الله عز وجل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فليس بمأمور به، بل هو منهي عنه نهي تحريم، أو نهي كراهة.

وقال العيني: والصمت المنهي عنه ترك الكلام عن الحق لمن يستطيعه، وكذا المباح الذي يستوي طرفاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>