وأمر الله تعالى عباده المؤمنين بالتأني في جميع الأمور، والتثبت منها.
فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين).
قال أبو حاتم: العجل يقول قبل أن يعلم، ويجب قبل أن يفهم، ويحمد قبل أن يجرب، ويذم بعدما يحمد، ويعزم قبل أن يفكر، ويمضي قبل أن يعزم.
والعجل تصحبه الندامة وتعتزله السلامة، وكانت العرب تكني العجلة: أم الندامات، وإن الزلل مع العجل، والإقدام على العجل بعد التأني فيه أحزم من الإمساك عنه بعد الإقدام عليه .. وهى تورث أمراضاً وآثاراً نفسية منها: القلق الذي ينتاب الإنسان في عجلته وسرعته، والارتباك والنسيان، والخوف من المجهول المترتب بسبب عدم وضوح الرؤية .. والمتطبع بالعجلة والسرعة في سلوكه الاجتماعي يكون حاداً متعصباً متكلفاً للأمور.
والاستعجال مذموم: عند الدعاء.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوتُ فلم يُستجب لي). رواه البخاري
ومن الاستعجال المذموم: أن يستبطئ الإنسان الرزق فيستعجل، فيطلبه من طرق محرمة ووجوه غير مشروعة.
فعن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (إنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ فِي روعِي أنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا، وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَهَا، فَاتَّقُوا اللهَ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَلَا يَحْمِلَنَّ أَحَدَكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ يَطْلُبَهُ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إلاَّ بِطَاعَتِه).
قال ابن حبان: لا يستحق أحد اسم الرئاسة حتى يكون فيه ثلاثة أشياء: العقل والعلم والمنطق، ثم يتعرى عن ستة أشياء: عن الحدة، والعجلة، والحسد، والهوى، والكذب، وترك المشورة.
قال مروان لابنه عبد العزيز- حين ولاه مصر-: يا بني مر حاجبك يخبرك من حضر بابك كل يوم فتكون أنت تأذن وتحجب، وآنس من دخل إليك بالحديث فينبسط إليك، ولا تعجل بالعقوبة إذا أشكل عليك الأمر، فإنك على ترك العقوبة أقدر منك على ارتجاعها.
قال إسحاق بن عيسى الطباع: عاب مالك العجلة في الأمور، وقال: قرأ ابن عمر البقرة في ثمان سنين (بمعنى أنه جمع فيها العلم والعمل معا كما هو منهج الصحابة -رضي الله عنهم-.
وقال أيضاً: العجلة نوع من الجهل والخرق.