للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ج- ولقوله تعالى (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ).

القول الثاني: أن الذي يوزن العامل (أي: صاحب العمل).

أ- لحديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال (إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة). متفق عليه

ب- ولقوله -صلى الله عليه وسلم- في ابن مسعود (إن ساقيه أثقل من جبل أحد في الميزان) رواه أحمد.

القول الثالث: أن الذي يوزن صحائف الأعمال.

وإلى هذا ذهب ابن عبد البر، والقرطبي.

لحديث البطاقة وفيه ( … وتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، فلا يثقل مع اسم الله شيء) رواه الترمذي.

القول الرابع: أن الجميع يوزن.

وإلى هذا ذهب ابن كثير، وابن أبي العز، وحافظ حكمي، وابن باز وغيرهم.

قال ابن أبي العز بعدما ساق بعض النصوص الواردة في ذلك: فثبت وزن الأعمال والعامل وصحائف الأعمال.

وقال حافظ حكمي: الذي استظهر من النصوص -والله أعلم- أن العامل وعمله وصحيفة عمله كل ذلك يؤذن، لأن الأحاديث التي في بيان القرآن قد وردت بكل ذلك ولا منافاة بينها.

وقال الشيخ ابن باز: الجمع بين النصوص أنه لا منافاة بينها فالجميع يوزن، ولكن الاعتبار في الثقل والخفة يكون بالعمل نفسه لا بذات العامل ولا بالصحيفة.

وهذا القول هو الراجح.

رابعاً: كيف توزن الأعمال مع أنها أعراض، لأن الوزن يكون للأجسام؟

أجاب بعضهم: بأن الله تعالى يقلب الأعراض يوم القيامة أجساماً ثم توزن.

قال ابن كثير: قوله (والحمد لله تملأ الميزان) فيه دلالة على أن العمل نفسه وإن كان عرضاً قد قام بالفاعل، يحيله الله يوم القيامة فيجعله ذاتاً يوضع في الميزان.

وقال ابن أبي العز: فلا يلتفت إلى قول ملحد معاند يقول: الأعمال أعراض لا تقبل الوزن، وإنما يقبل الوزن الأجسام، فإن الله يقلب الأعراض أجساماً.

خامساً: هل هو ميزان واحد أم متعدد؟

وردت نصوص تدل على أنه متعدد، كقوله تعالى (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ)، وقوله تعالى (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ … ).

ووردت نصوص بالإفراد، كقوله -صلى الله عليه وسلم- (كلمتان ثقيلتان في الميزان).

والراجح أنه ميزان واحد، لكنه متعدد باعتبار الموزون.

سادساً: قال القرطبي: قال العلماء: إذا انقضى الحساب كان بعده وزن الأعمال، لأن الوزن للجزاء، فينبغي أن يكون بعد المحاسبة، فإن المحاسبة لتقرير الأعمال، والوزن لإظهار مقاديره ليكون الجزاء بحسبها.

<<  <  ج: ص:  >  >>