القول الثاني: أنه حرام.
وهذا مذهب مالك وأبو حنيفة، وهو قول أكثر العلماء منهم: سعيد بن المسيب، وشريح وطاووس. [قاله النووي]
أ- لحديث الباب - حديث عائشة - ( … فَأَتَّزِرُ، فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ).
ب- وعن ميمونة قالت (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يباشر نساءه فوق الإزار وهن حُيّض) رواه مسلم.
وجه الدلالة: يفهم من الحديثين تحريم الاستمتاع بما بين السرة والركبة بوطء وغيره.
واستدلوا على ذلك بأدلة، ولكنها لا تخلو من اعتراضات عليها.
فمن ذلك:
ما رواه أبو داود عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ (سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَمَّا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَالَ: مَا فَوْقَ الإِزَارِ، وَالتَّعَفُّفُ عَنْ ذَلِكَ أَفْضَلُ).
وهذا الحديث ضعيف، لا يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قال أبو داود: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ ا. هـ. وضعفه العراقي كما في "عون المعبود". وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود.
وروى أحمد عن عُمَرَ بْن الْخَطَّابِ (أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: مَا يَصْلُحُ للرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا؟ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: مَا فَوْقَ الإِزَار).
قال أحمد شاكر في تحقيق المسند إسناده ضعيف لانقطاعه.
وروى أبو داود أيضاً عَنْ حَرَامِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عَمِّهِ (أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا يَحِلُّ لِي مِنْ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ؟ قَالَ: لَكَ مَا فَوْقَ الإِزَارِ).
وهذا الحديث اختلف العلماء فيه، فنقل ابن القيم في "تهذيب السنن" تضعيفه عن بعض الحفاظ وأقره على ذلك، وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
ثم لو صح الحديث لم يكن دليلاً على تحريم الاستمتاع بالحائض فيما بين السرة والركبة، لأنه يمكن الجمع بينه وبين الأدلة الدالة على جواز ذلك بأحد أوجه الجمع الآتية:
١ - أنه على سبيل الاستحباب والتنزه والابتعاد عن مكان الحيض، وليس على سبيل الوجوب.
٢ - أنه محمول على من لا يملك نفسه، لأنه لو مُكِّنَ من الاستمتاع بين الفخذين مثلاً ربما لا يملك نفسه فيجامع في الفرج، فيقع في الحرام، إما لقلة دينه، أو قوة شهوته، فتكون الأحاديث الدالة على الجواز فيمن يملك نفسه، والأحاديث الدالة على المنع فيمن يخشى على نفسه الوقوع في المحرم. ا. هـ (الشرح الممتع).