للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجه الاستدلال منه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص لعائشة أن تفعل وهي حائض جميع ما يفعله الحاج، ولم يمنعها إلا من الطواف، وجعل ذلك مقيداً باغتسالها وتطهرها، فدل ذلك على ترتب منع الطواف على انتفاء الطهارة، وعلى أن الطهارة شرط لصحة الطواف، وعلى عدم صحته بدونها، لأن النهي في العبادات يقتضي الفساد.

د-قوله -صلى الله عليه وسلم- لما أخبر بأن صفية حاضت (أحابستنا هي؟ قالوا: إنها قد أفاضت. قال: فلا إذاً) متفق عليه.

وجه الاستدلال: إخباره -صلى الله عليه وسلم- بانحباسه- وانحباس من كان معه لانحباسه- لحيض صفية، لو لم تكن قد أفاضت، مع ما في ذلك من المشقة العامة، دليل ظاهر- إن لم يكن نصاً صريحاً- على اشتراط الطهارة لصحة الطواف.

القول الثاني: أن الطهارة من الحدث في الطواف واجبة، وليست شرطاً لصحته، فمتى طاف للزيارة غير متطهر من الحدث، أعاد ما دام في مكة، فإن تعذرت عليه الإعادة لبعده عنها جبره بدم.

وإلى هذا ذهب: أبو حنيفة، وأحمد في رواية.

أ- لقوله تعالى (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ).

وجه الاستدلال منها: أن الله أمر بالطواف مطلقاً عن شرط الطهارة، ولا يجوز تقييد مطلق الكتاب، بخبر الواحد.

ب- وبالأحاديث التي استدل بها أصحاب القول الأول.

وجه استدلالهم منها: أن مقتضاها وجوب الطهارة من الحدث في الطواف، وذلك لا يستلزم اشتراطها، لأن الدليل عليها أخبار آحاد، وهي توجب العمل، فيثبت بها الوجوب دون الفرضية، وأما القول باشتراطها فإنه يفضي إلى نسخ مطلق الكتاب بأخبار الآحاد، وهو ممنوع.

القول الثالث: أن الطواف بالبيت على غير طهارة، جائز مطلقاً حتى للنفساء، ولا يحرم إلا على الحائض فقط.

وإلى هذا ذهب ابن حزم الظاهري.

أ-لقوله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة رضي الله عنها (افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري).

وجه الاستدلال منه: قال ابن حزم: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منع أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها- إذ حاضت- من الطواف بالبيت، (وولدت أسماء بنت عميس بذي الحليفة فأمرها -صلى الله عليه وسلم- بأن تغتسل وتهل)، ولم ينهها عن الطواف، فلو كانت الطهارة من الشروط لبينه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما بين أمر الحائض (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى).

ب-وقالوا: إن الأصل براءة الذمة، وعدم الاشتراط إلا بدليل، وقد اتفق العلماء على عدم اشتراط الطهارة لأداء المناسك من وقوف ومبيت ورمي، فالتفريق بينها وبين الطواف واشتراط الطهارة له لا يثبت إلا بالدليل. فدل ذلك على عدم اشتراط الطهارة للطواف، وجواز الطواف مطلقاً إلا للحائض.

<<  <  ج: ص:  >  >>