لحديث أنس:(أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزا خيبر فصليا عندها صلاة الغداة بغلس، فركب نبي الله -صلى الله عليه وسلم- … فأجرى نبي الله في زقاق مكة، وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله، ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني لأنظر إلى بياض فخذ نبي الله … ). متفق عليه
وجه الدلالة: أن الفخذ ليس بعورة، إذ لو كانت عورة ما كشفها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
والجواب عنه:
أن الحديث محمول على أن الإزار انكشف وانحسر بنفسه، لا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تعمد كشفه، بل انكشف لضرورة الإغارة والجري والزحام، وعلى هذا تدل رواية مسلم:(فانحسر الإزار).
والرد على هذا:
قال ابن حجر: لا فرق بين الروايتين: (حسر، وانحسر) في الدلالة على الحكم، فعلى التسليم يكون قد انحسر بنفسه فإن بقاءه مكشوفاً يدل على أن الفخذ ليس بعورة، إذ لو كان كذلك لما تركه النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولما أقرَّ عليه، ولنبه عليه كما كان يفعل، فاستوى الحال في كون الإزار انحسر بنفسه أو بفعله.
وهناك جمع آخر لابن القيم، قال: وطريق الجمع بين هذه الأحاديث، ما ذكر غير واحد من أصحاب أحمد وغيره، أن العورة عورتان: مخففة، ومغلظة، فالمغلظة السوأتان، والمخففة الفخذان، ولا تنافي بين الأمر بغض البصر عن الفخذين، لكونها عورة، وبين كشفها، لكونها عورة مخففة.
واستدلوا أيضاً: بحديث عائشة قالت: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مضطجعاً في بيتي كاشفاً عن فخذيه أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر، فأذن له وهو على تلك الحال فتحدث، ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك فتحدث، ثم استأذن عثمان فجلس وسوى ثيابه فدخل … ). رواه مسلم.
وجه الدلالة: أن إذن النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر وعمر بالدخول عليه وفخذه مكشوفة، يدل على أن الفخذ ليست بعورة.
والجواب عن هذا الحديث:
أن هذا الحديث لا حجة فيه، مشكوك في المكشوف هل هما الساقان أو الفخذان، حيث جاء في رواية مسلم التردد في كون النبي -صلى الله عليه وسلم- كاشفاً عن فخذيه أو ساقيه، والساق ليس بعورة إجماعاً.