قال النووي: وروي هذا القول عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وعائشة، وهو أشهر الروايتين عن أحمد
أ- لقوله تعالى (حرمت عليكم الميتة).
وجه الدلالة: أن الله عز وجل حرم الميتة في كتابه تحريماً عاماً، ويقع التحريم على اللحم والجلد، لأنه لم يخص منها شيئاً دون شيء، وهذا عام قبل الدباغ وبعده، والجلد جزء من الميتة فيكون محرماً.
ب- لحديث عبد الله بن عُكَيم قال:(كتب إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته بشهر، أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب) رواه الترمذي وأحمد.
وجه الدلالة: أنه نص في تحريم الميتة، وأنه لا ينتفع بإهابها مطلقاً، دبغ أو لم يدبغ، وهو آخر الأمرين، لأنه قبل وفاته (بشهر) فيكون ناسخاً لأحاديث طهارة جلد الميتة بالدباغ إن صحت.
ج- القياس على اللحم بجامع أن الجلد جزء من الميتة فلم يطهر بالدبغ كاللحم.
القول الثالث: أنه يطهر بالدباغ جلد مأكول اللحم دون غيره.
قال النووي: وهو مذهب الأوزاعي، وابن المبارك، وأبي ثور، وإسحاق بن راهوية.
هذا اختيار ابن تيمية حيث قال رحمه الله: وأرجح القولين أن الدباغ كالذكاة فيطهر ما طهر بالذكاة، وهو مأكول اللحم فقط دون غيره.
أ- لحديث عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ عَبَّاسٍ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ فَقَالَ: هَلاَّ اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا؟ قَالُوا إِنَّهَا مَيِّتَةٌ. قَالَ: إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا) متفق عليه.
وجه الدلالة: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصف هذه الشاة بأنها ميتة، وبيّن أنه حُرّم بموتها أمر واحد وهو أكلها، فتبين بهذا أن ما لا يؤكل أصلاً له حكم آخر، فلحمه حرام أصلاً سوا مات أو ذكي، فبناء على ذلك يقولون إن الحكم خاص بالميتة التي حرم أكلها لعارض وهو كونها ميتة ولو ذكيت لما حرم أكلها.