- اختلف في الحكمة:
فقيل: النجاسة. وهذه علة عليلة ضعيفة لأمور:
أولاً: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى على المرأة التي كانت تقم المسجد في المقبرة ولو كانت العلة النجاسة لما صلى عليها.
ثانياً: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (لا تصلوا إلى القبور).
والصواب أن العلة سد ذريعة الشرك.
- النهي الأكيد والتحريم الشديد من اتخاذ القبور مساجد، وأن ذلك من أسباب اللعن.
- أن هذا من فعل اليهود والنصارى فمن فعله فقد اقتفى أثرهم.
- حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على حماية جانب التوحيد.
- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حذر من اتخاذ القبور مساجد ثلاث مرات:
أولاً: في سائر حياته.
ثانياً: قبل موته بخمس.
ثالثاً: وهو في سياق الموت.
- ورد في الحديث قبل قليل (أن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء … )، مع أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين حتى تقوم الساعة):
الجمع بين الحديثين:
نقول المراد بقوله (حتى تقوم الساعة) أي قرب قيام الساعة، أو أن المراد بالساعة موتهم.
- جواز اللعن بالوصف، واللعن من حيث حكمه ينقسم إلى أقسام:
القسم الأول: لعن المسلم المصون.
وهذا حرام بالإجماع.
للأحاديث الكثيرة في النهي عن اللعن.
القسم الثاني: اللعن بالوصف العام أو الخاص.
كقول: لعنة الله على الظالمين - لعنة الله على الفاسقين - لعن الله آكل الربا.
وهذا جائز بلا خلاف.
قال تعالى (فلعنة الله على الكافرين) وقال (لعنة الله على الكاذبين).
القسم الثالث: لعن الكافر المعين الذي مات على الكفر. مثل فرعون وأبي جهل.
فهذا جائز ولا خلاف فيه.
قال تعالى (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين).
القسم الرابع: لعن الكافر المعين الحي، فها اختلف العلماء على قولين:
القول الأول: المنع.
قالوا: ربما يسلم هذا الكافر فيموت مقرباً عند الله.
القول الثاني: جواز لعنه.
واستدلوا بقوله -صلى الله عليه وسلم- في قصة الذي كان يؤتى به سكران فيحده، فقال رجل: لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا تلعنه، فإنه يحب الله ورسوله.
والذي يظهر لي جواز لعنه خاصة إذا كان يؤذي المسلمين.
القسم الخامس: لعن المسلم، المعين، الفاسق.
هذا لا يجوز لعنه، ولذلك نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن لعن ذلك الرجل الذي كان يؤتى به من السكر وقال: إنه يحب الله ورسوله.