قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مختصر الفتاوى المصرية (٨١): والإجماع على أن صلاة النفل أحياناً مما تستحب فيه الجماعة إذا لم يتخذ راتبة وكذا إذا كان لمصلحة مثل أن لا يحسن أن يصلي وحده، فالجماعة أفضل إذا لم تتخذ راتبة، وفعلها في البيت أفضل إلا لمصلحة راجحة. انتهى
القاعدة الثالثة: إقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- حجة، فما فعل بحضرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأقره يعتبر حجة.
لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يؤخر البيان عن وقته.
قال البخاري: باب من رأى ترك النكير من النبي -صلى الله عليه وسلم- حجة، لا من غير الرسول، وروى بسنده عن محمد بن المنكدر أنه قال: رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله أن ابن الصياد الدجال، قلت: تحلف بالله؟ قال: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم ينكره النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فهذا الحديث يدل على أن الصحابة كانوا يفهمون بأن إقرار النبي لشيء صنع أمامه يعتبر حجة.
القاعدة الرابعة: ما وقع في زمن النبي يعتبر حجة وإن لم يكن اطلع عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-.
عن جابر بن عبد الله قال: كنا نعزل والقرآن ينزل. أخرجه البخاري.
قال الحافظ في الفتح (٩/ ٢١٦): أراد بنزول القرآن أعم من المتعبد بتلاوته أو غيره مما يُوحى إلى، فكأنه يقول: فعلناه في زمن التشريع ولو كان حراماً لم نقر عليه،
- قال الشيخ ابن عثيمين: … لكن؛ قد يعترضُ مُعترضٌ فيقول: هل عَلِمَ بذلك رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أوَ لم يعلمْ؟
الجواب: إما أنْ نقولَ: إنَّه عَلِمَ. وإما أنْ نقولَ: إنَّه لم يعلمْ. وإما أنْ نقولَ: لا ندري. فإن كان قد عَلِمَ فالاستدلالُ بهذه السُّنَّةِ واضحٌ، وإن عَلِمنا أنَّه لم يعلم فإننا نقول: إنَّ الله قد عَلِمَ، وإقرارُ اللهِ للشيء في زَمَنِ نزولِ الوحي دليلٌ على جَوازِه، وأنه ليس بمنكرٍ؛ لأنه لو كان منكراً لأنكرَه اللهُ، وإن كان الرسولُ لم يعلمْ به، ودليل ذلك:
أولاً: قول الله تعالى (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً) فأنكرَ اللهُ عليهم تبييتَهم للقولِ مع أنَّ الناسَ لا يعلمون به؛ لأنهم إنما بَيَّتوا أمراً منكراً، فدلَّ هذا على أن الأمرَ المنكرَ لا يمكن أن يَدَعَهُ الله، وإنْ كان الناسُ لا يعلمون به.
ثانياً: أن الصحابةَ استدلُّوا على جوازِ العَزْلِ بأنهم كانوا يَعزلون والقرآنُ ينزل. وهذا استدلالٌ منهم بإقرارِ الله تعالى.