ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية القول الثالث، قال رحمه الله:
وقد تنازع الناس، هل الأفضل طول القيام؟ أم كثرة الركوع والسجود؟ أو كلاهما سواء؟ على ثلاثة أقوال: أصحها أن كليهما سواء، فإن القيام اختص بالقراءة، وهي أفضل من الذكر والدعاء، والسجود نفسه أفضل من القيام، فينبغي أنه إذا طوَّل القيام أن يطيل الركوع والسجود، وهذا هو طول القنوت الذي أجاب به النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قيل له: أي الصلاة أفضل؟ فقال: طول القنوت، فإن القنوت هو إدامة العبادة، سواء كان في حال القيام، أو الركوع أو السجود، كما قال تعالى:(أمن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً)، فسمَّاه قانتاً في حال سجوده، كما سمَّاه قانتاً في حال قيامه.
وقال: وقد تنازع العلماء: أيما أفضل: إطالة القيام؟ أم تكثير الركوع والسجود؟ أم هما سواء؟ على ثلاثة أقوال: وهي ثلاث روايات عن أحمد، وقد ثبت عنه في الصحيح " أي الصلاة أفضل؟ قال:(طول القنوت) "، وثبت عنه أنه قال:(إنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة; وحط عنك بها خطيئة) رواه مسلم، وقال لربيعة بن كعب:(أعنِّي على نفسك بكثرة السجود) رواه مسلم، ومعلوم أن السجود في نفسه أفضل من القيام، ولكن ذكر القيام أفضل، وهو القراءة، وتحقيق الأمر: أن الأفضل في الصلاة أن تكون معتدلة، فإذا أطال القيام، يطيل الركوع والسجود، كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي بالليل، كما رواه حذيفة وغيره، وهكذا كانت صلاته الفريضة، وصلاة الكسوف، وغيرهما: كانت صلاته معتدلة، فإن فضَّل مفضِّل إطالة القيام والركوع والسجود مع تقليل الركعات، وتخفيف القيام والركوع والسجود مع تكثير الركعات: فهذان متقاربان، وقد يكون هذا أفضل في حال، كما أنه لما صلى الضحى يوم الفتح صلَّى ثماني ركعات يخففهن، ولم يقتصر على ركعتين طويلتين، وكما فعل الصحابة في قيام رمضان لما شق على المأمومين إطالة القيام.
وقال ابن القيم: وَقَدْ اخْتَلَفَ النّاسُ فِي الْقِيَامِ وَالسّجُود أَيّهُمَا أَفْضَلُ؟