للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القول الثاني: إباحة زيارة النساء للقبور.

وهذا مذهب الجمهور.

قال النووي: بالجواز قطع الجمهور.

أ- لحديث أنس قال: (أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- على امرأة تبكي عند قبر، فقال لها: اتقي الله واصبري … ).

قال الحافظ: وموضع الدلالة من الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- لم ينكر على المرأة قعودها عند القبر، وتقريره حجة.

ب- ولحديث بريدة السابق (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها).

وجه الدلالة: أن الخطاب عام، فيدخل فيه النساء.

قال الحافظ: هو قول الأكثر، ومحله إذا أمنت الفتنة.

ج-وبحديث عائشة الطويل، وفيه (قالت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين … ) رواه مسلم.

قالوا: وتعليم النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة هذا الدعاء يدل على جواز زيارة المقابر للنساء.

د- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: (أَنَّ عَائِشَةَ أَقْبَلَتْ ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْمَقَابِرِ، فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتِ؟ قَالَتْ: مِنْ قَبْرِ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، فَقُلْتُ لَهَا: أَلَيْسَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، كَانَ قَدْ نَهَى، ثُمَّ أُمِرَ بِزِيَارَتِهَا) رواه الحاكم.

القول الثالث: أنه مكروه.

وهذا مذهب الحنابلة.

لحديث أم عطية (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا).

قالوا: والزيارة من جنس الاتباع، فيكون كلاهما مكروهاً غير محرم.

والراجح القول الأول.

وأما الإجابة عن أدلة من قال بالإباحة:

أ-أما حديث أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرّ بامرأة تبكي عند قبر فقال: اتقي الله واصبري … ) فيجاب عنه:

• أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقرّ المرأة على فعلها، بل أمرها بتقوى الله التي هي فعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، ومن جملتها النهي عن زيارة القبور، ففي هذا إنكار قعودها عند القبر، وإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.

قال ابن ابن القيم: احتج به على جواز زيارة النساء للقبور، فإنه -صلى الله عليه وسلم- لم ينكر عليها الزيارة وإنما أمرها بالصبر، ولو كانت حراماً لبيّن لها حكمها، وأجيب عن هذا بأنه -صلى الله عليه وسلم- قد أمرها بتقوى الله والصبر، وهذا إنكار منه لحالها من الزيارة والبكاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>