ب- قال الله تعالى (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِين).
وجه الاستدلال: أنّ الآية دلَّت أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- مخصوصٌ بلفظ الهبة، فلا يجوز أن تشاركه الأمة في ذلك.
وقال ابن قدامة: ولنا: قوله تعالى (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِين)، فذكر ذلك خالصًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ج-عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- في حديثه في صفة حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال (فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله) رواه مسلم.
وجه الاستدلال: قال الماوردي: فموضوع الدليل من هذا الحديث قوله (واستحللتم فروجهن بكلمة الله)، وليس في كتاب الله إلا لفظ النكاح والتزويج، فدلَّ على أنه لم يستحل الفرج إلا بهما.
وقال البيهقي: وفيه الدليل على أنّ الفرج لا يُستباح إلا بكلمة الله: النكاح أو التزويج، وهما اللذان قد ورد بهما القرآن.
القول الثاني: أنه لا يشترط، وأنه يجوز بغير لفظ الإنكاح والتزويج، فأي لفظ يدل على النكاح فإنه يجوز
وبه قال الحنفية، والمالكية، وهو اختيار ابن تيمية رحمه الله.
أ- لحديث الباب لقوله -صلى الله عليه وسلم- للرجل (فقد ملكتكها بما معك من القرآن).
وجه الدلالة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عقد للرجل النكاح بلفظ (ملكتكها) وهو غير الوارد في القرآن من لفظي الإنكاح والتزويج، فدل على جواز ذلك.
قال الخطابي: وفيه دليلٌ على أنّ العقد قد يصح بغير لفظ النكاح والتزويج، ألا تراه يقول (قد ملكتكها بما معك من القرآن).
وقال الباجي: ووجه الدليل من الحديث: أنه -صلى الله عليه وسلم- زوَّجه إياها بلفظ التمليك.
ب-ولحديث أنس (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعتق صفية وجعل عتقها صداقها) متفق عليه.
ج- ولأن العبرة في العقود المعاني، لا بالألفاظ والمباني، فألفاظ البيع والشراء والإجارة والهبة والنكاح ليست ألفاظاً تعبدية لا يجوز تجاوزها إلى غيرها، وإنما المرجع فيها إلى ما تعارف الناس عليه.
وهذا القول هو الصحيح.