للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَالشَّافِعِيَّةُ مَا عَدَا ابْنَ الْمُنْذِرِ، وَابْنَ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإْمَامِ مَالِكٍ إِلَى: جَوَازِ الاِسْتِعَانَةِ بِأَهْل الْكِتَابِ فِي الْقِتَال عِنْدَ الْحَاجَةِ.

لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: اسْتَعَانَ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ سَنَةَ ثَمَانٍ بِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَهُوَ مُشْرِك.

وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْرِفَ الإْمَامُ حُسْنَ رَأْيِهِمْ فِي الْمُسْلِمِينَ وَيَأْمَنَ خِيَانَتَهُمْ، فَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مَأْمُونِينَ لَمْ تَجُزِ الاِسْتِعَانَةُ بِهِمْ؛ لأِنَّنَا إِذَا مَنَعْنَا الاِسْتِعَانَةَ بِمَنْ لَا يُؤْمِنُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِثْل الْمُخْذِل وَالْمُرْجِفِ، فَالْكَافِرُ أَوْلَى.

كَمَا شَرَطَ الإْمَامُ الْبَغَوِيُّ وَآخَرُونَ شَرْطًا آخَرَ، وَهُوَ: أَنْ يَكْثُرَ الْمُسْلِمُونَ، بِحَيْثُ لَوْ خَانَ الْمُسْتَعَانُ بِهِمْ، وَانْضَمُّوا إِلَى الَّذِينَ يَغْزُونَهُمْ، أَمْكَنَهُمْ مُقَاوَمَتُهُمْ جَمِيعًا.

وَشَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَنْ يُخَالِفُوا مُعْتَقَدَ الْعَدُوِّ، كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.

وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ مَا عَدَا ابْنَ حَبِيبٍ، وَجَمَاعَةً مِنْ أَهْل الْعِلْمِ، مِنْهُمُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْجُوزَجَانِيُّ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الاِسْتِعَانَةُ بِمُشْرِكٍ؛ لِقَوْلِهِ -عليه السلام- فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ.

وَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونُوا فِي غَيْرِ الْمُقَاتِلَةِ، بَلْ فِي خَدَمَاتِ الْجَيْشِ. (الموسوعة الفقهية).

قال الشيخ ابن باز: وأما الاستعانة ببعض الكفار في قتال الكفار عند الحاجة أو الضرورة فالصواب أنه لا حرج في ذلك إذا رأى ولي الأمر الاستعانة بأفراد منهم، أو دولة في قتال الدولة المعتدية لصد عدوانها عملا بالأدلة كلها.

فعند عدم الحاجة والضرورة لا يستعان بهم، وعند الحاجة والضرورة يستعان بهم على وجه ينفع المسلمين ولا يضرهم، وفي هذا جمع بين الأدلة الشرعية.

لأنه -صلى الله عليه وسلم- استعان بالمطعم بن عدي لما رجع من الطائف، ودخل في مكة بجواره، واستعان بعبد الله بن أريقط الديلي ليدله على طريق المدينة وكلاهما مشرك، وسمح للمهاجرين من المسلمين بالهجرة إلى الحبشة مع كونها دولة نصرانية لما في ذلك من المصلحة للمسلمين وبعدهم عن أذى قومهم من أهل مكة من الكفار.

واستعان بدروع من صفوان بن أمية يوم حنين وهو كافر، وقال في حديث عائشة رضي الله عنها للذي أراد أن يخرج معه في بدر وهو مشرك: ارجع فلن نستعين بمشرك، وأقر اليهود بخيبر بعد ذلك، واستعان بهم في القيام على مزارعها ونخيلها لحاجة المسلمين إليه واشتغال الصحابة بالجهاد، فلما استغنى عنهم أجلاهم عمر -رضي الله عنه-، والأدلة في هذا كثيرة.

والواجب على أهل العلم الجمع بين النصوص وعدم ضرب بعضها ببعض. (مجموع الفتاوى).

<<  <  ج: ص:  >  >>