وقال رحمه الله ك وَفِيهِ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَعْقِد الصُّلْح عَلَى مَا رَآهُ مَصْلَحَة لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَظْهَر ذَلِكَ لِبَعْضِ النَّاس فِي بَادِئ الرَّأْي.
وَفِيهِ: اِحْتِمَال الْمَفْسَدَة الْيَسِيرَة لِدَفْعِ أَعْظَم مِنْهَا أَوْ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَة أَعْظَم مِنْهَا إِذَا لَمْ يُمْكِن ذَلِكَ إِلَّا بِذَلِكَ.
فائدة: تألم عمر وبعض الصحابة من شروط صلح الحديبية، ورأوا أنه فيها استكانة أمام الكفار.
فقد جاء في الصحيحين:
عنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ (قَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ يَوْمَ صِفِّينَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ؛ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَلَوْ نَرَى قِتَالاً لَقَاتَلْنَا وَذَلِكَ فِي الصُّلْحِ الَّذِى كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ؟ قَالَ «بَلَى». قَالَ أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ «بَلَى». قَالَ فَفِيمَ نُعْطِى الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟ فَقَالَ «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَدًا». قَالَ فَانْطَلَقَ عُمَرُ فَلَمْ يَصْبِرْ مُتَغَيِّظًا فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ؟ قَالَ بَلَى. قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ بَلَى. قَالَ: فَعَلَامَ نُعْطِى الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؛ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا. قَالَ فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالْفَتْحِ فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ فَأَقْرَأَهُ إِيَّاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَ فَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ «نَعَمْ». فَطَابَتْ نَفْسُهُ وَرَجَعَ).
قَوْله: (قَامَ سَهْل بْن حُنَيْفٍ يَوْم صِفِّينَ فَقَالَ: يَا أَيّهَا النَّاس اِتَّهِمُوا أَنْفُسكُمْ … إِلَى آخِره):
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute