القول الثاني: ذهب الحسن البصري وقتادة من التابعين وابن حزم الظاهري إلى أن ذلك مستحب فيلطخ رأس المولود بدم العقيقة ثم يغسل بعد ذلك، ونقله ابن حزم عن ابن عمر وهو قول عند الحنابلة.
واحتج هؤلاء - بحديث الباب - … عن رواه همام عن قتادة عن الحسن عن سمرة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال (غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم السابع ويحلق ويدمَّى).
وقد أجاب الجمهور على هذا الاستدلال وبينوا أن هذا القول شاذ وأن الرواية المحفوظة لحديث سمرة (يسمَّى) وليست (يدمَّى):
قال أبو داود صاحب السنن بعد روايته للحديث المذكور: خولف همام في هذا الكلام وهو وهم من همام وإنما قالوا: يسمَّى. فقال: همام: يدمَّى. قال أبو داود وليس يؤخذ بهذا.
وأكد الجمهور قولهم بأن التدمية منسوخة أنها كانت من أمر الجاهلية فلما جاء الإسلام أبطلها ويدل على نسخها وإبطالها ما يلي:
أ- حديث عبدالله بن بريدة عن أبيه قال: سمعت أبي - بريدة - يقول (كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها، فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران).
ب- عن عائشة رضي الله عنها في حديث العقيقة قالت: (وكان أهل الجاهلية يجعلون قطنة في دم العقيقة ويجعلونه على رأس الصبي فأمر رسول الله (أن يجعل مكان الدم خلوقاً) رواه البيهقي وهذا لفظه، وقال النووي بإسناد صحيح. وقال الحافظ ابن حجر: وزاد أبو الشيخ (ونهى أن يمس رأس المولود بدم).
هل يكره تسمية العقيقة بهذا الاسم؟
ذهب بعض أهل العلم إلى كراهة تسمية العقيقة بهذا الاسم - عقيقة - وقالوا الأولى أن تسمى نسيكة أو ذبيحة.
واستدلوا بحديث: عنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: (سُئِلَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ العَقِيقَةِ؟ فَقَالَ: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْعُقُوقَ. كَأَنَّهُ كَرِهَ الاِسْمَ وَقَالَ: مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ … ).
قال الإمام الباجي: قوله (لا أحب العقوق) ظاهره كراهية الاسم لما فيه من مشابهة لفظ العقوق وآثر أن يسمى نسكاً.
وقال الحافظ ابن عبد البر: وكان الواجب بظاهر هذا الحديث أن يقال للذبيحة عن المولود في سابعه نسيكة، ولا يقال عقيقة، إلا أني لا أعلم خلافاً بين العلماء في تسمية ذلك عقيقةً - فدل على أن ذلك منسوخ، واستحباب واختيار. فأما النسخ، فإن في حديث سمرة بن جندب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (الغلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويسمى).