وفي حديث سلمان بن عامر الضبي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى).
ففي هذين الحديثين لفظ العقيقة، فدل ذلك على الإباحة لا على الكراهة في الاسم، وعلى هذا كُتب الفقهاء في كل الأمصار، ليس فيها إلا العقيقة لا النسيكة، على أن حديث مالك هذا ليس فيه التصريح بالكراهة. وكذلك حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما فيهما فكأنه كره الاسم؛ وقال: من أحب أن ينسك عن ولده.
كِتَاب اَلْأَيْمَانُ وَالنُّذُورُ
تعريف الأيمان:
الأيْمان: بفتح الهمزة- جمع يمين، وأصل اليمين في اللغة اليد، وأُطلقت على الحلف لأنهم كانوا إذا تحالفوا أخَذَ كلّ بيمين صاحبه. وقيل: لأن اليد اليمنى من شأنها حفظ الشيء، فسُمّي الحلف بذلك لحفظ المحلوف عَلي
وعُرِّفت شرعًا: بأنها توكيد الشيء بذكر اسم، أو صفة للَّه تعالى. وهذا أخصر التعاريف، وأقربها. قاله في (الفتح).
قال ابن قدامة: الأصل في مشروعيّة الأيمان الكتاب، والسنّة، والإجماع.
أما الكتاب، فقوله سبحانه وتعالى (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ).
وقال تعالى: (وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا).
وأمر نبيّه -صلى الله عليه وسلم- بالحلف في ثلاثة مواضع، فقال (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ)، وقال تعالى: (قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ)، والثالث (قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ).
وأما السنّة فقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (إني واللَّه إن شاء اللَّه، لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيرًا منها، إلا أتيت الذي هو خير، وتحلّلتها) متّفقٌ عليه.
وكان أكثر قسم رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- ومُصَرِّفِ القلوب، و مقلّب القلوب.
وأجمعت الأمة على مشروعيّة اليمين، وثبوت حكمها، ووضعُها في الأصل لتوكيد المحلوف عليه.
- الحكمة من تشريع اليمين:
أ- تأكيد صحة الخبر.
ب- تقوية عزم الحالف على فعل شيء يخشى إحجام نفسه عنه، أو ترك شيء يخشى إقدامها عليه.
ج-تقوية الطلب من المخاطب، وحثه على فعل شيء، أو منعه منه.