قال الخطابي: … وهو يوم وقت ختام الأعمال، والأمور بخواتيمها، فغُلّظتْ العقوبة فيه، لئلا يُقدِم عليها تجرؤاً، فإن من تجرأ عليها فيه اعتادها في غيره.
وقيل: لأنه وقت ارتفاع الأعمال، واختاره ابن حجر.
ورد ابن حجر -في الفتح- القول الأول، وهو لكونه اجتماع ملائكة الليل وملائكة النهار، وكذلك رده القرطبي -في المفهم- وبين القرطبي أنه وجه بعيد لسببين:
أ-لأن الملائكة أيضًا تجتمع في الفجر.
ب- أن حضور الملائكة واجتماعهم إنما هو في حال فعل هاتين الصلاتين لا بعدهما، كما هو ظاهر نص الحديث، فإنه فيه (ثم يجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر) وتقول الملائكة (أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون).
اذكر الأعمال التي عقوبتها: لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم؟
الأولى: منع فضل الماء.
في الحديث دلالة على تحريم منع فضل الماء، وأن من منع منه ابن السبيل دخل في الوعيد الشديد في حديث الباب، وهذا إذا كان ابن السبيل غير مضطر، وإذا كان مضطرًّا ومنعه فالحال أشد.
والسبب دخوله في هذا الإثم: لأن الناس كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (شركاء في ثلاث: الماء، والنار، والكلأ).
وقد تقدمت المسألة في كتاب البيوع.
ثانياً: الحلف بالله كذباً لترويج سلعته.
كأن يحلف بأن هذه السلعة جيدة وهي ليست كذلك.
أو يحلف بأنه اشتراها بكذا، أو رأس مالها كذا، وهو اشتراها بأقل.
أو كأن يعرض سلعة مخفضة ويحلف بأن سعرها قبل التخفيض كذا وهي ليست كذلك، وما أشبه هذا من الأيمان التي تزيد في قيمة السلعة.
واستحق هذه العقوبة:
أ-استهانته باليمين ومخالفته أمر الله عز وجل بحفظ اليمين.
ب-كذبه.
ج- أكله المال الذي أخذه على هذه اليمين بالباطل.
د- أن يمينه من أعظم الأيمان جرمًا؛ فهي تسمى اليمين الغموس؛ فقد جاء في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من حلف على يمين هو فيها فاجر يقتطع بها مال امرئ مسلم، لقي الله وهو عليه غضبان