ثانياً: وَعِيَادَةُ المَريض.
وقد اختلف العلماء في حكم عيادة المريض:
القول الأول: أنها سنة مؤكدة.
وهذا قول جمهور العلماء.
للأحاديث الكثيرة التي وردت في فضلها.
عن ثوبان -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قَال (إنَّ المُسْلِمَ إِذَا عَادَ أخَاهُ المُسْلِمَ، لَمْ يَزَلْ في خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ)) قِيلَ: يَا رَسولَ الله، وَمَا خُرْفَةُ الجَنَّةِ؟ قَالَ: (جَنَاهَا) واه مسلم.
وعن -رضي الله عنه- عليّ: سَمِعْتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ (مَا مِنْ مُسْلِم يَعُودُ مُسْلِماً غُدْوة إِلاَّ صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِي، وَإنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إِلاَّ صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ في الْجَنَّة) واه الترمذي، وقال: ((حديث حسن)).
وعن أبي هريرة. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من عاد مريضاً أو زار أخاً له، قيل له: طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاً) رواه الترمذي.
وعنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- (إنَّ اللهَ -عز وجل- يَقُولُ يَومَ القِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدنِي! قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أعُودُكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ؟! قَالَ: أمَا عَلِمْتَ أنَّ عَبْدِي فُلَاناً مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَني عِنْدَهُ! يَا ابْنَ آدَمَ، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمنِي! قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أطْعِمُكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ؟! قَالَ: أمَا عَلِمْتَ أنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ أطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي! يَا ابْنَ آدَمَ، اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي! قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أسْقِيكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمينَ؟! قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي) رواه مسلم
القول الثاني: أنها فرض كفاية.
وهذا اختيار ابن القيم رحمه الله، وهذا القول هو الراجح، للأمر بها:
كما في حديث البراء قال (أمرنا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بِسَبعٍ: بِعَيادَةِ المريض).
وفي حديث أبي هريرة (حَقُّ المُسْلِم عَلَى المُسْلِم ستٌّ … وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ).
وعن أَبي موسى -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- (عُودُوا المَريضَ، وَأطْعِمُوا الجَائِعَ، وَفُكُّوا العَانِي) رواه البخاري.
- في عيادة المريض فوائد: منها: يؤدي حق أخيه المسلم - أنه لا يزال في خرفة الجنة - أن في ذلك تذكيراً للعائد بنعمة الله عليه في الصحة - أن فيها جلباً للمحبة والمودة. (قاله الشيخ ابن عثيمين)