ب-ولحديث أنس (أن جاراً فارسياً لرسول -صلى الله عليه وسلم- كان طيب المرق فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال الرسول وهذه [لعائشة]؟ فقال الفارسي: لا فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا، فعاد يدعوه فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وهذه [لعائشة] قال: لا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا، ثم عاد يدعوه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وهذه، قال: نعم، فقاما يتدافعان حتى أتيا منزله) رواه مسلم
قال العلماء: وإنما أبى الفارسي من حضور عائشة: أن هذا المرق كان قليلاً لا يكفي اثنين، فأراد أن يؤثر به النبي -صلى الله عليه وسلم-.
القول الثاني: الوجوب كالعرس.
وهذا مذهب ابن عمر وهو قول أهل الظاهر وبعض الشافعية ونصره ابن حزم.
أ- لرواية مسلم ( … عرساً كان أو نحوه) فهذا دليل على وجوب إجابة الدعوة مطلقاً.
ب- ولقوله -صلى الله عليه وسلم- (ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله).
ج- ولحديث أبي هريرة – حديث الباب - (حق المسلم على المسلم: وإذا دعاك فأجبه)
د- ولقوله -صلى الله عليه وسلم- (عودوا المريض وأجيبوا الداعي). والله أعلم.
رابعاً: وإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ الله فَشَمِّتْهُ.
فيشرع للمسلم أن يشمت العاطس إذا حمد الله.
قال النووي: وَاجْتَمَعَتْ الْأُمَّة عَلَى أَنَّهُ مَشْرُوع، ثُمَّ اِخْتَلَفُوا فِي إِيجَابه. (نووي).
وقد اختلف العلماء في حكم تشميت العاطس إذا حمد الله على أقوال:
فقيل: واجب.
قال النووي: فَأَوْجَبَهُ أَهْل الظَّاهِر، وَابْن مَرْيَم مِنْ الْمَالِكِيَّة عَلَى كُلّ مَنْ سَمِعَهُ.
أ- لحديث الباب – أبي هريرة – (وإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ الله فَشَمِّتْهُ).
ب- ولحديث البراء قال (أمرنا رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم- بسبع، ونهانا عن سبع: أمَرَنَا بعيَادَة المَرِيض، وَاتِّبَاعِ الجَنَازَةِ، وتَشْمِيتِ العَاطسِ، … ).
ج- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ وَأَمَّا التَّثَاوُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاع … ) رواه البخاري.
قال ابن حجر: وقد أخذ بظاهرها ابن مزين من المالكية، وقال به جمهور أهل الظاهر وقال بن أبي جمرة قال جماعة من علمائنا إنه فرض عين وقواه بن القيم في حواشي السنن فقال: جاء بلفظ الوجوب الصريح، وبلفظ الحق الدال عليه، وبلفظ على الظاهرة فيه، وبصيغة الأمر التي هي حقيقة فيه، وبقول الصحابي أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: ولا ريب أن الفقهاء أثبتوا وجوب أشياء كثيرة بدون مجموع هذه الأشياء.
وقال ابن القيم: فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْمَبْدُوءِ بِهِ: أَنَّ التَّشْمِيتَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَ الْعَاطِسَ يَحْمَدُ اللَّهَ، وَلَا يُجْزِئُ تَشْمِيتُ الْوَاحِدِ عَنْهُمْ، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ، وَاخْتَارَهُ ابن أبي زيد، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيَّانِ، وَلَا دَافِعَ لَه. (زاد المعاد).