قال الخطابي: قوله (فهو في النار) يُتأول على وجهين:
أحدهما: ما دون الكعبين من قدم صاحبه في النار عقوبة له على فعله.
والآخر: إنّ فعله ذلك في النار، أي هو معدود من أفعال أهل النار.
ب- وعن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول (إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، ولا جناح فيما بينه وبين الكعبين، وما أسفل من الكعبين هو في النار، يقولها ثلاث مرات) رواه أحمد.
وجه الدلالة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- توعد المسبل ثيابه بالنار من غير تفريق بين خيلاء وغيره، فدل على تحريم الإسبال مطلقاً.
وممن رجح التحريم: ابن العربي، والحافظ ابن حجر.
قال الحافظ ابن حجر: وفي هذه الأحاديث أن إسبال الإزار للخيلاء كبيرة، وأما الإسبال لغير الخيلاء فظاهر الأحاديث تحريمه أيضاً.
وقال ابن العربي رحمه الله: لا يجوز للرجل أن يجاوز بثوبه كعبه، ويقول: لا أجره خيلاء، لأن النهي تناوله لفظاً، ولا يجوز لمن تناوله اللفظ حكماً أن يقول لا أمتثله، لأن العلة ليس فيَّ، فإنها دعوى غير مسلمة، بل إطالته ذيله دالة على تكبره) انتهى.
وقد نقله ابن حجر رحمه الله، وعلق عليه بقوله: وحاصله أن الإسبال يستلزم جر الثوب، وجر الثوب يستلزم الخيلاء، ولو لم يقصد اللابس الخيلاء، ويؤيده ما أخرجه أحمد بن منيع من وجه آخر عن ابن عمر في أثناء حديث رفعه (وإياك وجر الإزار فإن جر الإزار من المخيلة).
وأخرج الطبراني من حديث أبي أمامة (بينما نحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ لحقنا عمرو بن زرارة الأنصاري في حلة إزار ورداء قد أسبل، فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأخذ بناحية ثوبه ويتواضع لله، ويقول: عبدك وابن عبدك وأمتك، حتى سمعها عمرو فقال: يا رسول الله إني حمش الساقين فقال: يا عمرو إن الله قد أحسن كل شيء خلقه، يا عمرو إن الله لا يحب المسبل) الحديث.
وأخرجه أحمد من حديث عمرو نفسه، لكن قال في روايته: "عن عمرو بن فلان" وأخرجه الطبراني أيضاً فقال: عن عمرو بن زرار، وفيه ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأربعة أصابع تحت الأربع، فقال: يا عمرو هذا موضع الإزار، الحديث، ورجاله ثقات، وظاهره أن عمراً المذكور لم يقصد بإسباله الخيلاء، وقد منعه من ذلك لكونه مظنته.
وأخرج الطبراني من حديث الشريد الثقفي قال (أبصر النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلاً قد أسبل إزاره فقال: ارفع إزارك" فقال إني أحنف تصطك ركبتاي، قال: ارفع إزارك فكل خلق الله حسن، وأخرجه مسدد وأبو بكر بن أبي شيبة من طرق عن رجل من ثقيف لم يسم وفي آخره: "وذاك أقبح مما بساقيك" انتهى كلام الحافظ رحمه الله.