للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسألت جارة لها من نساء ملوكهم أن تعطيها سُلفة من طعامها فإِذا جاءت ميرتها أعطتها مثلها، ففعلت، فعلم الناس بخبرهما فأعجبهم وامتثلوا فعلهما فشاع ذلك في اليمن ثم في العرب وسمَوه: سَلَفاً، وكانوا قبل ذلك لا يعرفون السلف، بل كان أحدهم إِذا انقطع مَيْره أغلق عليه باباً واحتبس في منزله إِلى أن يموت تكبراً عن السؤال.

ويسمون ذلك: الاعْتِفَاد.

وسَبَبُ انقطاع الزرع من اليمن أن أهل مصر كانوا يُبِلُّون الحبوب في الماء ويوقدون عليها لئلا تبذر كما يُفعل بالفلفل ونحوه، فما زالوا على ذلك حتى احتال رجل من حكماء حمير يسمى ذا النخر فوضع حماماً له على أصناف الحبوب بمصر فلقطت منها ثم خرج فذبحها واستخرج الحب من حواصلها فبذره في اليمن. وعرف أهل اليمن أوقات الزرع وآلة الحرث.

وفي الحديث «١» «نهى النبي عليه السلام عن بيع وسلف»

قيل: هو أن يبيع رجل رجلًا سلعة على أن يسلفه ديناراً.

وقال زيد بن علي: هو أن يسلم في الشيء ثم يبيعه قبل أن يقبضه.

والسَّلَفُ من آلة الحرث: خشبة تشد إِلى النير ويقف عليها إِنسان ثم يجذبها الثوران ليسوي بها الأرض للزرع ويسميها بعض أهل اليمن المِكَمَّ وبعضهم يسميها المِدْسمَ «٢».

[ق]

[السَّلَق]: المطمئن من الأرض المستوي اللين.


(١) أخرجه موصولًا أبو داود في البيوع، باب: في الرجل يبيع ما ليس عنده رقم (٣٥٠٤) ومالك في الموطأ في البيوع، باب: السلف وبيع العروض ... (٢/ ٦٥٧) «أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وسلف» وأحمد في مسنده (٢/ ١٧٥ - ١٧٩).
(٢) ولا يزال يسمى المَكَمُّ أو المدسم- ولكن بفتح الميمين-، وهو ألواح من خشب، يجر على وجه الأرض الزراعية على هذا النحو، وذلك لدك وجه التربة وتسديد مسامها بعد ريّها، لمنع التّبَخُّرِ، وحفظِ ريِّها حتى يحين الوقت المحدد لبذرها، والاسمان فيهما هذه الدلالة من الكَمِّ والدَّسْم بمعنى: السّدِّ. ومن الأراضي التي تُكَمّ أو تدسم، ما يعطي غلة بريَّته تلك دون حاجة إِلى مطر أو سقي.