للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك قوله: فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ «١» ونحوه، قال:

حيرانُ يَعْمَهُ في ضلالته ... مستوردٌ لشرائع الظُّلْمِ

وقيل: معنى (يَعْمَهُونَ) * أي يَعْمَوْنَ عن رشدهم، وعَمِهَ: مثل عَمِي، ومنه قول الأعشى:

أراني قد عَمِهْتُ وشاب رأسي ... وهذا اللعبُ شَيْنٌ للكبيرِ

والعُمَّه: جمع عامِهٍ، قال رؤبة:

ومهمهٍ أطرافُه في مَهْمَهِ ... أعمى الهدى بالجاهلين العُمَّهِ

أي: هداه يُعمي الجاهلين.

[ي]

[عَمِيَ]: عَمَى العينِ: ذهاب بصرها، والنعت: أعمى، قال الله تعالى: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ* «٢»: يعني في الجهاد.

وفي كلام ابن مسعود: «لا أحب أن يكون مؤذنكم أعمى»

يعني أن الأعمى لا يعرف الأوقات، وإن كان الفقهاء مطبقين على جواز أذان الأعمى، لأن ابن أم مكتوم كان أعمى وهو يؤذن للنبي عليه السلام. واختلفوا في شهادة الأعمى، فلم يُجِزْها أبو حنيفة ومحمد، وعن أبي حنيفة جوازها في النسب لا غير، وهو قول زُفَرَ. وقال أبو يوسف والشافعي وابن أبي ليلى: تُقبل شهادته في أربعة:

في النسب، والموت، والترجمة، نحو: أن يسأله الحاكم عن قول رجلٍ يعرف الأعمى معناه فيقول: قال كذا وكذا. وفي المقبوض: نحو أن يقر رجل بإقرارٍ يقوله في أذن الأعمى فيلزمه الأعمى ويتعلق به، ويشهد على إقراره. وقال مالك: تقبل


(١) المؤمنون: ٢٣/ ٥٤، وتمامها: فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتّاى حِينٍ.
(٢) النور: ٢٤/ ٦١؛ وانظر في معنى كلام ابن مسعود قول الشافعي في الأم: (١/ ١٠٣) وضوء النهار:
(١/ ٤٦٠)؛ ونقاشه لشروط المؤذن: (١/ ٤٥٥ - ٤٦٠)، وانظر (كتاب الشهادات) في البحر الزخار:
(٥/ ١٦).