للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال اللّاه تعالى: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ «١». أي ليس البر الصلاة وحدها وَلاكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّاهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ «٢» قرأ عاصم في رواية حفص وحمزة بنصب الراء والباقون بالرفع، وهو رأي أبي عبيد؛ ونافع وابن عامر يخففان نون لكنْ ويرفعان البرُّ، والباقون يشددون النون وينصبون. وكذلك قوله تعالى: وَلاكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى «٣». فأما قوله: وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ «٣» فقرؤوه بالرفع لأن الباء لا تدخل إِلا في الخبر.

وقيل في تقدير الآيتين: أي ولكن البرّ بر من آمن وبرّ من اتقى، كقوله «٤»:


امْ برّ الصيام في السفر» باستعمال (ام) أداة للتعريف بلغة بعض أهل اليمن لأنه (صَلى الله عَليه وسلم) قاله ردّاً على سائل من اليمن وأداة التعريف ام كانت وما زالت شائعة بعد الإِسلام في اليمن وتستعمل بدلًا من ال في تهامة ومناطق أخرى. وتذكر المصادر أن قبيلة طيِّىء كانت تستعمل ام للتعريف وأن بني مرة في منطقة الربع الخالي ممن يستعملها في أطراف البلاد اليمنية في العصر الحديث.
ولم تتوفر دلائل قاطعة في النقوش اليمنية القديمة على استعمال أهل اليمن قديماً لأداة التعريف ام في أول الكلمة وإِنما من المؤكد أن لغة النقوش اليمنية القديمة تستخدم أداة تعريف أخرى تقع في آخر الكلمة وهي النون (وربما تسبق بصوت اللين) مثل مسندن أي المسند مَحْفَدن أي المَحْفَدُ. وفي لهجة حضرموت تتميز حالة التعريف بالنون مسبوقة بالهاء، مثل مسندهن هجرهن أي المدينة. والأرجح أن التسميات المنقوشة والمعلقة الشائعة في اليمن والمنتهية بنون مسبوقة بصوت اللين. هي أسماء معرفة بلغة النقوش القديمة مثل ريدان أي الريد أوسان أي الأوس.
شمسان أي الشمس، دعان أي الريم، كهلان أي الكهل وهكذا وربما كانت أداة التعريف ام هي في الأصل ال.
كما تذكر المصادر أيضاً أداة التعريف أن في أول الكلمة. وهناك شواهد قليلة من النقوش اليمنية القديمة على استعمال هن أداة تعريف في أول الكلمة: كما هي الحال في النقوش اللحيانية. (يجد القارئ مناقشة وافية للمسألة في كتاب اللهجات العربية القديمة ترجمة عبد الرحمن أيوب جامعة الكويت (١٩٨٦) ص ٧٥ - ٧٨).
(١) سورة البقرة ٢ من الآية ١٧٧.
(٢) سورة البقرة ٢ من الآية ١٧٧. وانظر في قراءتها فتح القدير (١/ ١٥٠).
(٣) سورة البقرة ٢ من الآية ١٨٩. وانظر في قراءتها فتح القدير (١/ ١٦٦).
(٤) الوجه «كقولها» فالشاهد عجز بيت للخنساء، ديوانها (٤٨) وصدره:
تَرْتَعُ مارَتَعَتْ حتى إِذا ادَّكَرَتْ