للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي حديث «١» الشعبي: لا تعقِل العاقلة عمداً ولا عبداً ولا صلحاً ولا اعترافاً، وروي نحوه عن ابن عباس

: أي جناية العمد في مال الجاني. وكذلك الصلح ما اصطلحوا عليه فهو في مال الجاني، وكذلك اعتراف الجاني بالجناية من غير بيِّنة يكون في ماله ولا يصدق على العاقلة، فأما العبد فقال محمد: معناه أن يقتل العبد حرّاً؛ فليس على عاقلة مولاه من جنايته شيء. وقال ابن أبي ليلى: معناه أن يقتل الحر عبداً أو يخرجه فليس على عاقلة الجاني شيء. وعند أبي حنيفة وأصحابه:

يلزم دية نفس العبد عاقلة الجاني. وأما فيما دون النفس فأَرْشُهُ في مال الجاني، وهو أحد قولي الشافعي، وقوله الآخر: إن النفس وما دونها سواء. قال أبو عبيد:

وقول ابن أبي ليلى عليه كلام العرب.

وعقلْتَ عن الرجل: إذا لزمته دية فأديتَها عنه. قال الأصمعي: كلمت أبا يوسف القاضي بحضرة الرشيد فقلت: ما تقول في قولهم: عقلت الرجلَ وعقلت عنه، فلم يفرق بين عقلته وعقلت عنه حتى فَهَّمته.

وفي الحديث عن علي رضي الله عنه «٢»:

ما كان دون المَوْضِحَة فلا تعقله العاقلة

، وبهذا قال أبو حنيفة وأصحابه ومن وافقهم.

وعن عمر رضي الله عنه: تحتمل العاقلة. الثلث وأكثر، وأما ما دون ذلك فعلى الجاني

،

وهو قول ابن المسيب ومالك وعطاء وأحمد وإسحق، وقول الشافعي في القديم. وقال في الجديد: يلزم العاقلة أَرْشُ ما دون الموضحة.

وفي حديث «٣» الشعبي: العقل على رؤوس الرجال

: أي يستوي فيه الغني والفقير. وهو قول أبي حنيفة وأصحابه ومن وافقهم. وقال


(١) رواه بلفظه أبو عبيد، قال: حدثناه عَبد الله بن إدريس عن مطرف عن الشعبي، غريب الحديث: (٢/ ٤٣٠).
(٢) يرويه الإمام زيد بن علي عن أبيه عن جده في المسند: (٣٠٧) بلفظ: «وما كان دون السّن والموضحة فلا تعقله العاقلة». وانظر في المسألة الأم للشافعي: (٦/ ١٢٥)؛ والبحر الزخار: (٥/ ٢٧١) وما بعدها.
(٣) انظر غريب الحديث لأبي عبيد: (٢/ ٤٣٠ - ٤٣١).