للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولكل حرفٍ منهن معنى قد ذكر في بابه.؛

فأما «لكن» فمعناه الاستدراك، ويأتي للإِيجاب بعد النفي كقولك: ما جاءني أحدٌ لكنْ زيدٌ، وقد يأتي بعد الإِيجاب إِذا كان بعده كلام تام قائم بنفسه كقولك:

جاء القوم لكنْ زيد لم يجيء، ونحو ذلك.

هذه الحروف تعطف بها الثاني على الأول ويعرب بإِعرابه.

وجميع الأسماء تعطف عليه إِلا المضمر المخفوض فلا يُعطف عليه عند الجمهور، إِلا بإِعادة الحرف الخافض، كقولك: مررت بك وبزيد، ولا تقول: مررت بك وزيد، وقد جوَّزه بعضهم، وأنشد: فاذهب فما بك والأيامِ من عجب وقرأ حمزة تساءلون به والأرحام «١» واعلم أن المعطوف على ما عملت فيه إِن وأخواتها يجوز نصبه عطفاً على الاسم، ويجوز رفعِه على المضمر في الخبر، ويجوز الرفع مع «إِن» و «أن» و «لكنّ» خاصة على الموضع، أو على الابتداء وإِضمار الخبر، كقولك: إِن زيداً قائمٌ وعمراً، بالنصب، وعمروٌ بالرفع. قال اللّاه تعالى: أَنَّ اللّاهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ «٢» قرأ العامة بالرفع، وقرأ عيسى بن عمر بالنصب.

وكذلك الاسم المعرَّف بالألف واللام إِذا عطف على المنادى المفرد يجوز رفعه ونصبه كقولك: يا زيد والرجل قُوْما. قال تعالى: ياا جِباالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ «٣» قرأ العامة بالرفع عطفاً على «جِباالُ» أو على المضمر في «أَوِّبِي» وقرأ الأعرج بالنصب. قال سيبويه: عطفاً على الموضع أي: ونادينا الجبال والطيرَ. وقال أبو عمرو:

أي وسخرنا الجبالَ والطير، وجوَّز بعضهم أن يكون مفعولًا معه، وأنشد النحويون:

ألا يا زيدُ والضحاكَ سيرا ... فقد جاوزتما خمر الطريق


(١) سورة النساء: ٤/ ١.
(٢) سورة التوبة: ٩/ ٣، وانظر قراءتها في فتح القدير: (٢/ ٣٣٣ - ٣٣٤).
(٣) سورة سبأ ٣٤/ ١٠، وانظر قراءتها وتفسيرها في فتح القدير: (٤/ ٣١٥).