للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لغتَان بمعْنًى، وليسَتْ إِحْداهما مأخُوذَةً منَ الأخْرى. والدليلُ على ذلكَ أنّكَ إِذا صَغَّرْتَ النَّاسَ قلْتَ: نُوَيْس، ولو كانَ أصْلُه أُنَاساً لقلتَ في تَصْغِيره: أُنَيِّس.

وحُذِفتْ للتّخفيفِ في قَوْلِهم: يا با فلان، أي يا أَبا فلان، قال الأَسْودُ «١»:

رُبَّ أَمْرٍ مُعْضِلٍ فَرَّجْتُ بِالْ‍ ... مَكْرِ منِّي والدَّهَا يابَا المُغِيرَهْ

وقال شاعر الخوارج «٢» يرثي زيدَ بنَ عليِّ بن الحُسَيْن:

يا با حُسَيْنٍ والأُمُورُ إِلى مَدًى ... أَوْلَادُ دَرْزَةَ أَسْلَمُوكَ وطَارُوا

يا با حُسَيْنٍ لَوْ شُرَاةُ عِصَابَةٍ ... عَلِقُوكَ كَانَ لِوِرْدِهِمْ إِصْدَارُ

وحُذِفَتِ الهمزَةُ أيضاً في الأمْر من أخَذَ، وأكَلَ، وأمَرَ، فقيل: خُذْ وكُلْ، ومُرْ، الأصلُ اؤخُذْ، واؤْمُرْ، واؤكُلْ، قال اللّاه تعالى: كُلُوا مِنْ طَيِّبااتِ ماا رَزَقْنااكُمْ* «٣»، وقال: خُذُوا ماا آتَيْنااكُمْ بِقُوَّةٍ* «٤». وقد جاء في القرآن على الأصل في قوله تعالى:

وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلااةِ «٥».


(١) هذا ما اجتمعت عليه النسخ كلها، ولعله يريد أبا الأسود الدؤلي، فله بيت في هذا المعنى ورد في شرح نهج البلاغة: (١٨/ ٤١٤)، والخزانة: (١٠/ ٣٤١)، وشرح الملوكي: (٣٦٩)، والممتع: (٦٢٠). وصيغة بيت الدؤلي وروايته في هذه المصادر:
يا با المغيرة رب أمر معضل ... فرجته بالمكر منِّي والدها
ويروى أيضاً: «بالنكر» و «بالحزم» انظر أيضاً الحجة: (٣/ ٢١١، ٣٠٧)، وأمالي ابن الشجري.
(٢) في (صن) وحدها: «قال الشاعر» وسقطت من (نش) وشاعر الخوارج هذا هو حبيب بن خدرة (أو جَدرة)، انظر الكامل: ٤/ ١٢. والبيتان فيه بتقديم وتأخير في صدري البيتين.
(٣) من الآية: ٥٧ من سورة البقرة/ ٢، وتمامها: وَظَلَّلْناا عَلَيْكُمُ الْغَماامَ وَأَنْزَلْناا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّبااتِ ماا رَزَقْنااكُمْ وَماا ظَلَمُوناا وَلاكِنْ كاانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ.
(٤) من الآية ٦٣ من سورة البقرة/ ٢، وتمامها: وَإِذْ أَخَذْناا مِيثااقَكُمْ وَرَفَعْناا فَوْقَكُمُ الطُّورَ، خُذُوا ماا آتَيْنااكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ماا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.
(٥) من الآية: ١٣٢ من سورة طه، تمامها: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلااةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهاا لاا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعااقِبَةُ لِلتَّقْوى.