٠٤ - «ولا زكاة من الحب والتمر في أقل من خمسة أوسق، وذلك ستة أقفزة وربع قفيز»
لما بين وقت وجوب الزكاة؛ ذكر النصاب الذي إذا بلغه الحرث وجبت فيه الزكاة، ونصاب الحبوب والتمر يقدر بالكيل لا بالوزن، لأن أنواع الحبوب ومثلها التمور وإن تساوت في الكيل؛ فإن أوزانها تختلف، لا ختلاف كثافتها، فلا يتأتى أن يكون الوزن ضابطا للنصاب في جميعها، ومن ثمة فلا ينفعنا أن نعد جدولا بأوزان الحبوب، لأن الجنس الواحد منها كالقمح مثلا تختلف أنواعه بالكبر والصغر والصلابة والليونة، فيختلف من ثمة وزن بعضه عن بعض، وكذلك التمور، ولذلك فالضابط المطرد هو ضابط الكيل، وقد ألمح المؤلف إلى أن الزكاة إنما تجب في الحرث، إذا كان حبا أو تمرا، لأنه هو الذي يوسق، مع كونه قوتا مدخرا، فلا تجب في الخضر، أو لأنه أراد أن يوافق بذلك ما جاء في بعض روايات حديث أبي سعيد الخدري المتفق على أصله:«ليس فيما دون خمسة أوساق من حب ولا تمر صدقة»، ولفظه هذا عند أحمد ومسلم (٩٧٩).
وقد ذكر المؤلف ما يساوي خمسة أوسق بالكيل الذي كان مستعملا في بلده، وهو ستة أقفزة وربع قفيز، لأن العبرة بالمعيار الشرعي لا العرفي، إلا أن لا يكون الشرع قد بين المعيار، وإنما فعل ذلك ليسهل على الناس معرفة النصاب بما يتداولونه من الأوعية، والقفيز يختلف حجمه باختلاف البلدان، وقد قال زهير بن أبي سلمى عن حرب عبس وذبيان:
فتغلل لكم ما لاتغل لأهلها … قرى بالعراق من قفيز ودرهم
وقد ذكر غير ابن أبي زيد مثل ما ذكره هو مراعين المكاييل المعمول بها في زمنهم، ومنهم أبو عبيد في كتاب الأموال، وعبد الله المنوفي، إذ حرر النصاب بحضرته؛ فوُجد ستة