٦ - «ومن انصرف من الصلاة ثم ذكر أنه بقي عليه شيء منها فليرجع إن كان بقرب ذلك، فيكبر تكبيرة يحرم بها، ثم يصلي ما بقي عليه، وإن تباعد ذلك، أو خرج من المسجد ابتدأ صلاته، وكذلك من نسي السلام».
دليل ما ذكره حديث ذي اليدين الصحيح، فإن النبي ﷺ لما علم بترك ركعتين رجع فأتمهما، وسجد بعد السلام، فإن من سلم من صلاته ساهيا، أو ظانا أنها قد تمت، ثم تذكر؛ فإنه مطالب بإصلاحها، وفي تكبيره ليحرم مجددا خلاف، والمشهور التكبير مطلقا، وهو رواية ابن القاسم عن مالك، وقيل من ذكر قريبا جدا لا يكبر، وغيره ممن زاد طول الوقت عنده يكبر، ويكبر ليتم حيث تذكر، كي لا يزداد الفصل، لكن لا بد من النية، فإن لم يكبر فقد قيل تصح صلاته، والقياس أنه لا يكبر، لأن القطع المذكور غير معتبر، إذ لو كان معتبرا لامتنع البناء.
والبناء مشروط بما إذا لم يطل الفاصل، لأن أجزاء الصلاة ينبغي أن يتصل بعضها ببعض، واختلف في الطول الذي لا يتأتى معه التدارك، فقيل يرجع فيه إلى العرف، وهو قول مالك، وعليه ابن القاسم.
قال في المدونة:«قال مالك في الرجل يسلم من ركعتين ساهيا، ثم يلتفت فيتكلم، قال: إن كان شيئا خفيفا؛ رجع فبنى، وسجد سجدتي السهو، قال: وإن كان متباعدا ذلك؛ أعاد الصلاة، فقلت لمالك: وما حد ذلك؟، أهو أن يخرج من المسجد؟، قال: ما أَحُد فيه حدا، فإن خرج ابتدأ، ولكن إذا تباعد ذلك ولم يخرج، وأطال في القعود والكلام، وما أشبه ذلك؛ أعاد، ولم يبن، وقد تكلم رسول الله ﷺ ساهيا، وبنى على صلاته، ودخل فيما نسي بتكبير، وسجد للسهو بعد السلام»، فاعتبر الخروج من المسجد مفوتا للبناء، أما إن لم يخرج فالمرجع العرف، وقد جمع بين القولين خليل إذ قال: «وبنى إن قرب، ولم يخرج