أراد بالصيد الاصطياد، ويطلق الصيد على المصيد أيضا، ولما كان غرضه هنا بيان صفة الصيد الذي يحل به الحيوان؛ فلنذكر تعريفهم له، قالوا:«هو أخذ غير مقدور عليه، من وحش طير، أو بر، أو حيوان بحر، بقصد»، فغير مقدور عليه؛ يخرج المقدور عليه، فإنه لا يجزئ في تذكيته ما يجزئ في الصيد، وقوله من وحش طير أو بر؛ يخرج الطير غير الوحشي، والحيوان المستأنس؛ فإنه وإن ند؛ لا يذكى بما يذكى به المتوحش، وقد حملوا ما ورد في ذلك على غير الذكاة التي تحل بها الذبيحة، بل على حبس الناد، أي الشارد، ليُتمكن من ذكاته على الوجه المعتاد، وقوله بقصد، يريد به النية، فيخرج قتل الصيد من غير قصد إلى تذكيته، كما يخرج به؛ ما إذا جاءه كلبه بصيد من غير إرساله إياه، وهذا التعريف غير مانع لأن المراد من هذا الباب بيان ما يحل به أكل الصيد لا مطلق الاصطياد، فإن قوله أخذ يصدق على ما إذا قبض ما يصطاد حيا، وقبضه ينقله إلى لزوم تذكيته كما يذكى الإنسي، وليس بمراد هنا، والله أعلم.
واعلم أن قتل الحيوان المأكول اللحم لمجرد العبث والشهوة يظهر أنه محرم، لما جاء في حديث ابن عباس ﵁ أن النبي ﷺ قال:«لا تتخذوا شيئا فيه روح غرضا»، رواه مسلم (١٩٥٨)، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄ عن النبي ﷺ قال:«من قتل عصفورا فما فوقها بغير حقها سأله الله عن قتله»، قيل: يا رسول الله، وما حقها؟، قال:«أن يذبحها فيأكلها، ولا يقطع رأسها فيرمي بها»، رواه أحمد والنسائي (٧/ ٢٣٩)، والدارمي (٢/ ٨٤)، والبغوي (٢٧٨٧) وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وقواه الشيخ شعيب بشاهد رواه أحمد والنسائي عن عمرو بن الشريد عن أبيه، قال البغوي:«فيه كراهية ذبح الحيوان لغير الأكل، وقد روي عن ابن عباس قال: «نهى رسول الله ﷺ عن معاقرة الأعراب»، وأراد بالمعاقرة؛ أن يتبارى الرجلان فيعقر هذا عددا من إبله ويعقر صاحبه، فأيهما كان أكثر