٣٢ - «وجمع المريض يخاف أن يغلب على عقله تخفيف وكذلك جمعه لعلة به فيكون ذلك أرفق به».
تجد معنى ما ذكره المؤلف في المدونة أول باب جمع المريض بين الصلاتين، والمراد جمع التقديم عند الصلاة الأولى التي هي الظهر أو المغرب إذا خاف أن يغلب على عقله في وقت الثانية، وقوله تخفيف أي رخصة وهو تفنن في العبارة، ورأوا أنه إن لم يحصل له ما توقعه أعاد الصلاة الثانية ندبا، وله أيضا أن يجمع جمعا صوريا في آخر وقت الظهر وعند غيبوبة الشفق إذا لحقته مشقة بأدائه كل صلاة في وقتها، أو بالوضوء لكل صلاة، أو القيام لكل منهما ونحو ذلك، فله أن يجمع جمعا صوريا.
فإن قيل: فأين التخفيف وما ذكر يسوغ لغير المريض فعله؟، فالجواب: أن الترخيص بالنظر إلى فضيلة أول الوقت، والفرق موجود بين من فوتها مختارا ومن فوتها ملجأ، ودليل هذا الحكم في حق المريض حديث ابن عباس في جمع النبي ﷺ بالمدينة، وقد ذكره سحنون في المدونة محتجا به ومما قاله:«وإنما الجمع رخصة لتعب السفر ومؤنته إذا جد به السير، فالمريض أتعب من المسافر وأشد مؤنة، لشدة الوضوء عليه في البرد، ولما يخاف عليه منه لما يصيبه من بطن منخرق أو علة يشتد عليه بها التحرك والتحويل ولقلة من يكون له عونا على ذلك فهو أولى بالرخصة، وهي به أشبه من المسافر،،،»، انتهى، ومن ذلك أن المستحاضة جاء الجمع في شأنها، كما رواه أبو داود والترمذي وصححه من حديث حمنة بنت جحش، فإن عُدَّتْ مريضة فذاك، وإلا فالمريض أولى بالرخصة منها.