الحديث، لكن تستثنى الصغيرة من حيث المعنى، لأنه لا عبارة لها»، انتهى، كما أطلق في ترجمته على حديث خنساء بنت خدام (خ/ ٥١٣٨)، وقد رواه مالك في الموطإ، وهي التي زوجها أبوها وهي كارهة فرد النبي ﷺ نكاحها بقوله:«إذا زوج الرجل ابنته وهي كارهة؛ فنكاحه مردود»، ولعله لم يقيد الرد بالثيوبة؛ للعلة الجامعة، وهي كراهة التزويج من الثيب والبكر، أو لأن الحديث وإن لم يذكر فيه غير الثيب؛ فقد دل الحديث الآخر على استئذان البكر، فراعاه في الاستنباط، وفقه البخاري كما قيل في تراجمه، وعلل الحافظ إطلاق البخاري بما في بعض الروايات من أن التي رد نكاحها كانت بكرا.
ومن الأدلة على رد نكاح البكر إذا زوجت بغير إذنها؛ حديث ابن عباس ﵄ أن جارية بكرا أتت النبي ﷺ، فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة؛ فخيرها النبي ﷺ «رواه أبو داود (٢٠٩٦)، وفيه مع ذلك حجة لمن قال يزال ما في العقود من الفساد، ويبقى عليها، متى أمكن ذلك، وقال النبي ﷺ:«استأمروا النساء في أبضاعهن» رواه أحمد والنسائي عن عائشة -رضي الله تعالى عنها-.
أما غير الأب من الأولياء وصيا كان أو غيره؛ فلا يزوج الصغيرة حتى تبلغ، فإذا بلغت استؤذنت، وإذنها صماتها على ما ورد في الحديث المتقدم، وهكذا إذا قبلت باللفظ، خلافا لمن جمد على اللفظ، وسيأتي أن الوصي مثل الأب في الإجبار بشروط، وفي المذهب جواز تزويج اليتيمة، أعني التي لم تبلغ الحلم بشروط ذكرها خليل في مختصره وغيره، وقد سبق أن لفظ اليتيمة حقيقة فيمن لم تبلغ، فلا يصرف إلى البالغة إلا بدليل، وانظر في تزويج اليتيمة مجموع الفتاوى لابن تيمية (٣٢/ ٤٨).
ومن زالت بكارتها بعارض كالقفز أو الحيضة القوية أو الحادث أو بزنا؛ فإنها لا تعطى في المذهب حكم الثيب، وهكذا من ثيبت قبل البلوغ؛ فإنها تعامل معاملة الصغيرة، فلا يزوجها إلا الأب أو وصيّه بشروط على ما تقدم، أما الثيب فلا يزوجها أب ولا غيره إلا برضاها بالقول، وقد نقل على ذلك الإجماع.