للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن تك قد ساءتك مني خليقة … فسلي ثيابي من ثيابك تنسل

وقال السموأل:

إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه … فكل رداء يرتديه جميل

ومن الأدلة أمر النبي بغسل الذكر من المذي، وقد تقدم، ومن ذلك حديث أبي سعيد الخدري قال: «بينما رسول الله يصلي بأصحابه، إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك القوم؛ ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله ؛ قال: «ما حملكم على إلقائكم نعالكم؟، قالوا: رأيناك ألقيت نعلك فألقينا نعالنا، فقال رسول الله : «إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا» (١)، والقذر بفتحتين ما يتقذر وهو هنا النجاسة، وقد استدل بعضهم بهذا الحديث على عدم وجوب إزالة النجاسة لكونه خلع نعليه، ولم يستأنف الصلاة، وهذا فيه نظر، فإنه لا يسلم لقائله إلا بعد التسليم ببطلان صلاة من تذكر في صلاته نجاسة هي في ثوبه أو بدنه، والحديث دال على خلاف ذلك، كما أن دلالته على وجوب إزالة النجاسة بينة، وإلا ما تكلف النبي خلع النعل في الصلاة، وسيأتي ذكر شيء من هذا في الكلام على الرعاف، والله أعلم.

واعلم أن طهارة البدن والثوب والمكان قد اختلف فيها في المذهب على قولين هما الوجوب والسنية، كما ذكره المؤلف، ولم يحك ابن عبد البر في الكافي غير الثاني، والمؤلف لم يذكر البدن لأنه لا يلتبس أمره كما قد يحصل ذلك في الثوب والبقعة، وقد أشار إلى القولين خليل في مختصره بقوله: «هل إزالة النجاسة عن ثوب مصل، ولو طرف عمامته، وبدنه، ومكانه، لا طرف حصيره، سنة أو واجبة إن ذكر وقدر، وإلا أعاد الظهرين للإصفرار، خلاف» انتهى، وقد قيل إن الخلاف لفظي لاتفاق الجميع على وجوب الإعادة على الذاكر القادر، ولم يسلم هذا من طعن.

أما الاستدلال للقول الثاني وهو عدم وجوب إزالة النجاسة بحديث ابن مسعود المتفق عليه، الذي وضع فيه بعض كفار قريش سلا جزور على ظهر رسول الله :


(١) رواه أبو داود (٦٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>