لكن الحق هو تقييد شفعة الجار بما إذا كان ثمة ضرر يتعين رفعه كالاشتراك في الطريق الداخلي، ومنها سكنى الجار فوق جاره فيما أحسب، وقد نص على ذلك رسول الله ﷺ بقوله:«إذا كان طريقهما واحدا»، لكن قال ابن تيمية ﵀(٣٠/ ٣٨٣): «فإذا قضى بها للاشتراك في الطريق فلأن يقضي بها في الاشتراك في الرقبة أولى وأحرى»، انتهى، وفي صحة هذه الأولوية نظر، لأن الكلام في الجار والمفروض أن لا شركة معه، والله أعلم.
والحاصل أن شفعة الجار قد اختلف الناس فيها على ثلاثة مذاهب: منعها مطلقا وهو الذي عليه مذهب مالك، وإثباتها مطلقا وعليه الحنفية، وإثباتها بقيد وحدة الطريق، وهذا هو الذي يستفاد من مجموع الأحاديث كما علمت، وانظر تهذيب سنن أبي داود المطبوع بهامش عون المعبود (٩/ ٣٠٩) لابن القيم ﵀.