الخسوف والكسوف: هو أن يُحجب ضوءُ الشمس بالقمر؛ يتوسط بينها وبين الأرض، أو يُحجب ضوء القمر بالأرض؛ تتوسط بينه وبين الشمس، وهذا بناء على أن اللفظين مترادفان، وهو الظاهر كما جاء في الأحاديث، إذ استعمل فيها الكسوف والخسوف للشمس وللقمر معا، وغالب اصطلاح الفقهاء على القول بكسوف الشمس، وخسوف القمر، ويقال فيهما كَسف وخَسف من باب ضرب للمعلوم، وقد يستعملان مبنيين للمجهول، ومعلوم أن كسوف الشمس لا يقع إلا في النهار فإن الشمس آيته، وخسوف القمر لا يقع إلا في الليل، فإن القمر آيته، قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (١٢)﴾ [الإسراء: ١٢] وقال تعالى: ﴿فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨)﴾ [القيامة: ٧ - ٨]، لكن خسوف القمر هنا ليس المراد منه انطماس نوره انطماسا مؤقتا، بل انطماسا مستمرا ناتجا عن انخرام نظام الكون، وعوده مظلما كما كان، وذلك عند قيام الساعة، كما يدل عليه السياق.
وقد شرع الله تعالى الصلاة عند ذهاب ضوء الشمس أو القمر كلا أو بعضا بحيث يرى ذلك، لا ما إذا كان بحيث لا يدركه إلا الحذاق، أو علماء الفلك، لأنه كالعدم، وقد دل الدليل على مشروعية صلاة الكسوف، ولو لم يكن الكسوف بحيث يتفطن له كل الناس، يدل عليه حديث أسماء في الموطإ (٤٤٧) والصحيحين قالت: «أتيت عائشة زوج النبي ﷺ حين خسفت الشمس، فإذا الناس قيام يصلون، وإذا هي قائمة تصلي، فقلت: ما للناس؟، فأشارت بيدها إلى السماء وقالت: سبحان الله،،،»، وسميت هذه الصلاة باسم سببها، لأنها تفعل وقت الحدوث، لا قبله ولا بعده، وقد رأيت من صلى صلاة الكسوف قبل وقتها بساعة ونصف منذ عامين، أعني سنة (١٤٢٦) اعتمادا على أن علماء الفلك أخبروا بوقوع الكسوف، وهذا لا يصح، لأن النبي ﷺ علق مشروعية الصلاة برؤيتنا ذلك كما يأتي.